وكلام سيبويه الذي حكاه عن عيسى يخالفه لأنّه قال- يعني عيسى بن عمر-:
لم يكن يحمله على عاهدت.
ومعنى قول سيبويه لو حملته على أنّه نفى شيئا هو فيه، أي: نفي الحال وهو قوله:
لا أشتم، ولا خارجا، فإذا لم يكن العامل في الحال " عاهدت " على ما حكاه سيبويه عن عيسى كان نصبه على أحد وجهين:
إما أن يكون المفعول الثاني من ترني كأنه قال: ألم ترني لا شاتما مسلما ولا خارجا من فيّ زور كلام، فهذا وجه ذكره أبو بكر مبرمان.
قال أبو سعيد: ما يعجبني هذا؛ لأنّ " عاهدت " في موضع المفعول الثاني فقد تمّ المفعولان بعاهدت.
وأجود منه أن يكون على حلفة؛ كأنّه قال: على أن حلفت لا شاتما ولا خارجا، والمصدر وهو " حلفة " يعمل عمل الفعل.
وكان الفرّاء يذهب مذهب عيسى بن عمر وينصب خارجا على الحال، ويجعل لا أشتم في موضع نصب؛ كأنه قال: لا شاتما مسلما و " لا خارجا " عطف عليه.
وبعض النحويين ينصب خارجا لوقوعه موقع يخرج على ما تقدّم، وقد ذكرنا الحجّة.
وإذا قلت ما أنت قائم ولا قاعد، وأنت تميميّ مرة وقيسيّ أخرى، وإني عائذ بالله ارتفع.
قال أبو سعيد: مذهب سيبويه- ولا أعلم له مخالفا- أنك إذا قلت: ما زيد إلا سائر أو قائم أو قاعد لم يجز فيه غير الرّفع، ولو كان بدل سائر وقائم مصدر لجاز النصب، كقولك: ما أنت إلا سيرا، وما أنت إلا قياما؛ لأنّ السير والقيام يدلان على يسير ويقوم.
ولقد تأوّل بعض المتقدمين في النحو على مذهب الكوفيين ممن أدركته رواية رويت عن عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- فيما رواه هو في قوله تعالى وَنَحْنُ عُصْبَةٌ (١).