للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الفعل الذي لا يتعدى.

ومن رفعه عطفه على " ما " الثانية، كأنه قال: لا يعمل فيه شيء قبله من الفعل المتعدي إلى مفعول، ولا شيء غير

الفعل المتعدي.

واعلم أن هذه الأفعال التي يقع الاستفهام بعدها إنما هي: " أفعال القلوب " من علم، وظنّ، وفكر، وخاطر، ولا يجوز أن يقع في موقع ذلك فعل مؤثر، لا يجوز: " ضربت أيهم في الدار " ولا " ضربت أزيد في الدار أم عمرو ".

قال أبو عثمان المازني: قولهم: " أما ترى أيّ برق هاهنا " يريد به رؤية العين، ولم يرد به رؤية القلب؛ لأنه إذا كان يقول: " انظر إليه ببصرك "، وجاز هذا في هذا خاصة؛ لأنها محكية، ولا يقاس.

وذلك أن الحروف التي تقع على الاستفهام، إنما تقع عليها الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين، ورؤية العين لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد.

والقول الصحيح أنه يريد الرؤية التي في معنى العلم، وإليها يرجع الكلام؛ لأن الإنسان إذا قال لمن يخاطبه: " أما ترى أي شيء في الدنيا؟ " فليس يريد به رؤية العين وإنما يريد به رؤية العلم، وقد يقول القائل: " اذهب فانظر زيد أبو من هو "، وليس يريد اذهب فأبصره بعينك، وإنما يريد اعلم ذاك.

قال: " ومثل ذلك: " ليت شعري أعبد الله ثمّ أم زيد " و " ليت شعري زيد هل رأيته "، فهذا في موضع خبر ليت ".

يعني أن " شعري " اسم ليت، و " هل رأيته " جملة في موضع الخبر، وكذلك " عبد الله هل رأيته "، " عبد الله " مبتدأ، و " هل رأيته " في موضع الخبر.

و" شعري " يريد علمي، يقال: شعر به يشعر شعرة وشعرا ولا يستعمل بعد ليت إلا بطرح الهاء، كما تقول: امرأة عذراء بينة العذرة، ثم تقول: " هو أبو عذرها " بطرح الهاء؛ لأن الأمثال تؤدّى ولا تخالف.

ويجوز أن يكون الاستفهام في موضع مفعول " شعري "، على تقدير حرف الجر، ويكون الخبر محذوفا، كأنك قلت: ليت شعري أزيد ثمّ أم عمرو واقع، تقديره: ليت علمي بهذا واقع.

قال: (فإنما أدخلت هذه الأشياء على قولك: " أزيد ثمّ أم عمرو "، و " أيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>