فيكون التقدير:" ذهب به مكان السوق ".، ويحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه.
قال: وكذلك المفعل إذا كان حينا، نحو قولهم:" أتت الناقة على مضربها " أي على زمان ضرابها، وكذلك:" مبعث الجيوش "، تقول:" سير عليه مبعث الجيوش، ومضرب الشّول ".
يريد أنهم قد أجروا ما في أوله الميم في الزمان، كما أجروه في المكان. فالمكان قولك: ذهب به مذهب، وسلك به مسلك.
والزمان قولهم: أتت الناقة على مضربها، وسير عليه مبعث الجيوش، وأنشد قول حميد بن ثور:
وما هي إلا في إزار وعلقة ... مغار ابن همام على حيّ خثعما (١)
والشاهد فيه: مغار ابن همام، وزعم " الزجاج " أن " سيبويه " أخطأ في ذكره هذا البيت في هذا الموضع، وذلك أنه قدر " مغارا " زمانا، والزمان لا يتعدى، وإنما " مغار " مصدر، قال: والدليل على ذلك أنه قد عدّاه، فإنما تقديره زمن إغارة ابن همام على حي خثعم، مثل مقدم الحاج، وهكذا قال " أبو العباس ".
وقد غلطا في الرد عليه؛ لأن المصادر التي جعلها " سيبويه " ظروفا إنما هي مضاف إليها الزمان، فتكون هي نائبة عنه، فمغار الذي في البيت وإن كان مصدرا لم يخرج عما قاله " سيبويه ".
وتأويل البيت: أنه وصف امرأة، فذكر أنها في إزار وعلقة، وهي البقيرة، وهي قميص بلا كمين، يريد أنها- في وقت إغارة " ابن همام " - في هذا الزي، فإما أن تكون صغيرة، أو بمعنى آخر، ويقال إن ابن همام كان لا يغير إلا وهو عريان، وهذا الذي ينساق على تأويل الزجاج كأنه شبه عريها بعري ابن همام.
(١) سيبويه ١/ ١٢٠ بولاق وحميد بن ثور بن حزن الهلالي العامري شاعر مخضرم وفد على النبي وأسلم ومات في خلافة عثمان وله ديوان شعر الأغاني ٤/ ٣٥٦ - شواهد المغني ٧٣ - الخصائص ٢/ ٢٠٨.