للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما بالآخر " مفعولا من " اصطك الحجران " كما جعل " ألزمت الناس بعضهم بعضا " مفعولا من " لزم " وهذا على العكس؛ لأن " ألزمت " هو فرع على " لزم "، وصككت هو أصل لاصطك، ولكنهما قد اشتركا بجعل الفاعل في " لزم " وفي " اصطك " مفعولا في " ألزمت " و " صككت ".

قال سيبويه: (وهذا ما يجري فيه مجرورا كما يجري منصوبا، وذلك قولك:

عجبت من دفع الناس بعضهم ببعض).

قال أبو سعيد: يعني أن المصادر تجري في هذا الباب مجرى أفعالها كما جرت في غير هذا الباب، أضيفت أو لم تضف؛ فإذا أضيفت انجرّ ما بعدها بالإضافة، وإذا لم تضف جرى ما بعدها على الفعل كما بينا فيما قبل، فقولك: " عجبت من دفع الناس بعضهم ببعض " تقديره إذا ردّ إلى الفعل: عجبت من أن دفعت الناس بعضهم ببعض.

وهذا معنى قوله: " إذا جعلت الناس مفعولين، والفاعل في النية وكذلك " عجبت من إذهاب الناس بعضهم بعضا ".

وتقديره: من أن أذهب الناس بعضهم بعضا، فالمصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول، وقد أضيف في المسألة

الأولى إلى المفعول، وفي الثانية إلى الفاعل، وجرّا جميعا، ويجري هذا المجرور على مجراه، إذا نوّن المصدر، أو ردّ إلى الفعل في تعدّيه بحرف وبغير حرف.

قال سيبويه: (وتقول: سمعت وقع أنيابه بعضها فوق بعض جرى على قولك:

وقعت أنيابه بعضها فوق بعض).

فالمصدر مضاف إلى الفاعل.

قال: (وتقول: عجبت من إيقاع أنيابه بعضها فوق بعض).

فيكون المصدر مضافا إلى ما أقيم مقام الفاعل، وفيه عندي وجه آخر وهو أن تقدر مقام " الأنياب " تقدير مفعول، فيكون: عجبت من أن أوقعت أنيابه بعضها فوق بعض، فإذا رددته إلى المصدر، أضفت " إيقاع " إلى " الأنياب "، وهي في موضع نصب، فيكون التقدير: من إيقاع أنت أنيابه بعضها فوق بعض، والفاعل منوي، والبعض في هذه المسائل كلها بدل ما قبله.

ثم قال: (هذا وجه اتفاق الرفع والنصب في هذا الباب، واختيار النصب،

<<  <  ج: ص:  >  >>