" زيد فاضربه " صار بمنزلة قولك: " زيد فمنطلق "، وهذا لا يجوز، كما لا يجوز " فمنطلق " ويجوز " أمّا زيد فاضربه " كما يجوز " أمّا زيد فمنطلق ".
وإذا لم تجعل في الفعل ضميرا من الاسم، وقدمت الاسم وأخّرت الفعل، كنت في إدخال الفاء بالخيار، إن شئت أدخلتها وهي بمنزلتها في جواب " أمّا "، وإن شئت أخرجتها وذلك قولك " زيدا اضرب "، و " زيدا فاضرب "، فإذا قلت:" زيدا اضرب " فتقديره: اضرب زيدا، وإذا أدخلت الفاء؛ فلأن حكم الأمر أن يكون الفعل فيه مقدّما، فلما قدمت الاسم أضمرت فعلا، وجعلت الفاء جوابا له، وأعملت ما بعد الفاء في الاسم؛ لأنك قدمت الاسم عوضا من الفعل المحذوف، الذي ينبغي أن يكون مصدّرا به في الأمر. وتقدير الكلام: تأهب فاضرب زيدا، أو تعمد فاضرب زيدا، وما أشبه ذلك، فلما حذفت " تأهب " قدمت " زيدا " ليكون عوضا من المحذوف، وأعملت فيه ما بعد الفاء، كما أعملت ما بعد الفاء في جواب " أمّا " فيما قبلها، وقدمت الاسم على الفاء في جواب " أمّا " عوضا من الفعل المحذوف الذي قامت أمّا مقامه، وهو قولك:" مهما يكن من شيء فقد ضربت زيدا " فإذا نقلته إلى " أمّا " قلت: " أما زيدا فقد ضربت ".
والدليل على ما ذكرنا من عمل ما بعد الفاء فيما قبلها في الأمر، قولك:" بزيد فامرر "، فلولا أنّ ما بعد الفاء عمل فيما قبلها، ما دخلت الباء على زيد؛ لأن الباء في صلة المرور، ولا يصلح أن تضمر مرورا آخر؛ لأن ما كان من الفعل متعديا بحرف جر لا يضمر، ولا تشبه الفاء في هذا الفاء في قولك:" عبد الله فاضرب "؛ لأن قولك:" عبد الله "
مبتدأ، ولا يصلح أن تكون الفاء في خبره.
فإذا قلت:" زيدا فاضربه " فهو على تقديرين: أحدهما اضرب زيدا فاضربه، وعليك زيدا فاضربه؛ لأنك قد تقول:" زيدا "، في معنى: عليك زيدا، أو تعمد زيدا.
قال: (وقد يحسن ويستقيم أن تقول: " عبد الله فاضربه " إذا كان مبنيا على مبتدأ مظهر أو مضمر، فأما في المظهر فقولك:" هذا زيد فاضربه "، وإن شئت لم تظهر هذا، وعمل كعمله إذا أظهرته كقولك:" الهلال والله فانظر إليه " تريد هذا الهلال والله).
يعني أنك إذا جئت بمبتدأ وخبر، جاز إدخال الفاء بعدهما؛ لأن المبتدأ والخبر جملة.