النصب في " قولك: " أذكر أن تلد ناقتك أحبّ إليك أم أنثى ").
يعني: أن " ذكرا " إذا كان بعد " أن " وقع عليه " تلد "، فنصبه كما ينصب الفعل الذي في صلة الذي الاسم الذي بعده كقولك: " الذي رأيت أخاه زيد "، وإن قدمت ذلك الاسم على " الذي "، لم يجز؛ لأنه لا يجوز أن تقول: " زيد أخاه الذي رأيت "، كما جاز " زيد الذي رأيت أخاه "، فكذلك لا يجوز " أذكرا أن تلد ناقتك " كما جاز " أن تلد ناقتك ذكرا ".
قال سيبويه: (ومما لا يكون في الاستفهام إلا رفعا، قولك: " أعبد الله أنت أكرم عليه أم زيد "، و " أعبد الله أنت
أصدق له أم بشر "، كأنك قلت: " أعبد الله أنت أخوه أم بشر "؛ لأن " أفعل " ليس بفعل ولا اسم يجري مجرى الفعل، وإنما هو بمنزلة " حسن، وشديد "، ونحو ذلك. ومثل ذلك: " أعبد الله أنت خير له أم بشر ").
قال أبو سعيد: اعلم أن " أفعل " لا يعمل في شيء من الأسماء إلا في المنكور على جهة التمييز كقولك: " زيد أكثر مالا وأنظف ثوبا "، والمنكور الذي يعمل فيه على جهة التمييز لا يجوز تقديمه، لا يجوز أن تقول: " زيد مالا أكثر منك "، ولا " ثوبا أنظف منك "، فإذا كان كذلك فلا يجوز أن تنصب " عبد الله " في قولك: " أعبد الله أنت أكرم عليه " من وجهين:
أحدهما: أن " عبد الله " ليس مما يعمل فيه " أكرم " وبابه بوجه من الوجوه.
والثاني: أنه لو كان منكورا يعمل فيه " أكرم " وبابه بوجه ما جاز تقديمه عليه.
قال: (وتقول: " أزيد أنت له أشد ضربا أم عمرو "، فإنما انتصاب " الضرب " كانتصاب " زيد " في قولك: " ما أحسن زيدا "، وانتصاب " وجه " في قولك: " حسن وجه الأخ "؛ فالمصدر هاهنا كغيره من الأسماء، كقولك: " أزيد أنت له أطلق وجها أم فلان "، وليس له سبيل إلى الإعمال وليس له وجه في ذلك).
يعني: أن " ضربا " انتصب على التمييز بأشد ونصبه ل " ضربا "، لا يوجب له من القوة ما يعمل به فيما قبله، كما أن قولك: " ما أحسن زيدا "، لا يكون فيه أن تقول: " ما زيدا أحسن "، ولا في قولك: " حسن وجه الأخ " أن تقول: " وجه الأخ حسن "؛ لأنها