للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرب على ضميره، وأنت لا تنصب " رجلا " بالفعل إذا جعلته وصفا له، فلما لم يجز أن تنصب الموصوف بالفعل الذي هو وصفه كان ما قبله أبعد من ذلك.

وقوله: (لأنه ليس مبنيا على الفعل).

معناه: ليس الموصوف مبنيا على الفعل الذي هو صفته.

(ولكن الفعل في موضع الوصف، كما كان في موضع الخبر).

يعني: إذا لم تقدر تقدم الفعل، حتى يكون عاملا فيه ويكون الوصف بمنزلة الخبر، ألا ترى أنك إذا قلت: " إن زيدا ضربت "، فأنت لا تجد بدا من أن تجعل " ضربت " في موضع الخبر " لزيد "؛ لأنك قد نصبت " زيدا " ب " إن " ولا يجوز أن تعمل " ضربت " في " زيد "؛ لأنه في موضع خبره، وإن كان حذف الهاء منه قبيحا، ثم أنشد في ذلك وهو وقوع الفعل نعتا قول بعض الرجاز:

أكلّ عام نعم تحوونه ... يلقحه قوم وتنتجونه (١)

فجعل " تحوونه " نعتا للنعم، ولم يجز أن ينصب " النعم " به وقد جعله نعتا له. ولو نصب على غير هذا الوجه لجاز

ألا يجعله نعتا، كأنه يقول: أكلّ عام تحوون نعما ويكون " تحوونه " تفسيرا للفعل المضمر.

(وقال زيد الخيل:

أفي كلّ عام مأتم تبعثونه ... على محمر ثوّبتموه وما رضا) (٢)

فإن قال قائل: إذا كان لا يجوز " زيد يوم الجمعة " ولا " زيد في يوم الجمعة "؛ لأن ظروف الزمان لا تكون أخبارا للجثث، فكيف جاز أكلّ عام نعم تحوونه، و " نعم ":

مرفوع بالابتداء، وهو جثة؟

قيل له: التقدير فيه: " أكل عام حدوث نعم " وذلك أنه أراد أن كل عام تحوون نعما، وتأخذونه وكأنه قال: " في كل عام نعم حادث "، فصار كقولك: " الليلة الهلال "


(١) هذا البيت لقيس بن حصين بن يزيد الحارثي. الخزانة ١/ ١٩٦، ١٩٨.
(٢) هذا البيت لزيد الخيل (الخير) وهذا هو اسمه في الجاهلية وأما في الإسلام فقد سماه الرسول " زيد الخير " الخزانة ٢/ ٤٤٦ - ٤٤٨. الأغاني ١٦/ ٤٦ - ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>