حديثها إليه، وهي غير واجبة كالجزاء، فقبح تقديم الاسم (لهذا)، ألا ترى أنك إذا قلت:" أين عبد الله آته "، فكأنك قلت:" حيثما يكن آته ").
أما قوله:(ألا ترى أن جوابه جزم).
يعني: ألا ترى أن جواب الاستفهام جزم كما يكون جواب الأمر، تقول:" أين زيد آته "، كما تقول:" ائتني آتك "، والتقدير: أين زيد إن أعرف مكانه آته، وائتني إن تأتي آتك. فقد بين لك التشاكل بينهما.
وقوله:(وكرهوا تقديم الاسم؛ لأنها حروف ضارعت بما بعدها ما بعد حروف الجزاء).
يعني: أن حروف الاستفهام أيضا تشبه حروف الجزاء؛ لأنها يجازى بها، وهي غير واجبة، كما أن حروف الجزاء غير واجبة؛ لأن فعل الشرط قد يجوز أن يقع، ويجوز ألا يقع كالاستفهام.
وقوله:(وقد يصير معنى حديثها إليه).
يعني: إذا قلت: " أين زيد آته "" فأين زيد " استفهام.
وقوله:(آته مجازاة وقد صار الاستفهام نائبا عن شرطه، فقد صار معنى حديث الاستفهام إلى الجزاء).
ويعني بقوله:(معنى حديثه).
يريد: الذي يقصد إليه بلفظ الاستفهام، يؤول معناه إلى الجزاء، وليس بحديث في الحقيقة؛ لأن الحديث ما كان خبرا. وقد مثل ذلك سيبويه، فقال: (إذا قلت: " أين عبد الله آته؟ " فكأنك قلت: حيثما يكن آته) ومعناهما واحد، وأحدهما استفهام، والآخر جزاء.
قال سيبويه: (وأما الألف فتقديم الاسم فيها قبل الفعل جائز، كما جاز ذلك في " هلا "، وذلك لأنها حرف الاستفهام الذي لا يزول عنه إلى غيره، وليس للاستفهام في الأصل غيره).
قال أبو سعيد: وقد قدمنا قوة الألف في باب الاستفهام على غيره من الحروف، وبينّا حسن إيلاء الاسم إياها لقوتها في بابها، فحسن أن نقول:" أزيد ضربته " لذلك؛ ولم يحسن " هل زيد ضربته "، وشبهه سيبويه " بهلا "، من قبل أنك تقول:" هلا زيدا ضربت "،