للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعطف على " خيرا "، والعامل " أوصيت ".

وليس في شيء مما احتجوا به حجة على سيبويه.

أما الآية التي ذكرناها: فإن " الآيات " المعادة فيها أعيدت لتأكيد الآيات الأولى وهي هي، وكان تقدير الكلام: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ....

ومثله " إن في الدار زيدا، والقصر زيدا " وهو جائز إذا كان " زيد " الثاني هو الأول.

وكأنه قال: " إن في الدار زيدا، والقصر "؛ لأن ذكره وتركه في الفائدة سواء غير التأكيد.

فإن قال قائل: وكيف تكون الآيات التي في السموات هي الآيات التي في الأرض، وفي خلق السموات والمطر وتصريف الرياح؟

قيل له: لما كانت هذه الآيات التي في هذه الأشياء المختلفة، تدل مع اختلافها دلالة واحدة على خالقها- عز وجل- جاز أن يقال إنها واحدة ألا ترى أنك لو سمعت قوما يخبرون عن شيء بمعنى واحد جاز أن تقول: سمعت أقاويلهم، وهي واحدة. وتقول:

" قول زيد وعمر وواحد " إذا كانا يخبران عن معنى واحد مجازا وتوسعا.

وأما البيت الذي أنشده، فهو على تقدير إعادة حرف الجر، وحذفه اختصارا واكتفاء بما قبله، وكأنه قال: " وبالحماة شرا " وخفض الحماة بهذه " الباء " الثانية دون الأولى، وحذفها ضرورة، ولم يكن جره على طريق العطف والدليل على ذلك قول الشاعر:

سل المفتي المكّي ذا العلم ما الذي ... يحلّ من التقبيل في رمضان

ثم قال:

فقال لي المكي أما لزوجة ... فسبع وأمّا خلّة فثمان (١)

فخفض " خلة " بلام قدرها وحذفها، فكأنه قال: وأما لخلة.

ولا يجوز إن يكون بالعطف من قبل أن " ما " لا يعطف ما بعدها على ما قبلها، وهي من الحروف التي ما بعدها مستأنف، وقد علمتم أن قولنا: " ليس زيد بقاعد ولا قائم أبوه " جائز. فيكون " قاعد " مجرورا بالباء، وهو خبر " ليس "، و " قائم " عطف عليه،


(١) البيتان في الكامل للمبرد ١/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>