وقول سيبويه في آخر هذا الفصل:" فمن ثم أكثر الكلام ينصرف في النكرة ".
يعني: من أجل خفة التنكير وتمكن النكرة، يكون أكثر الكلام الذي لا ينصرف متى نكر انصرف، كنحو ما ذكرنا من " طلحة " وما بعده من الأسماء.
والأسماء التي لا تنصرف في المعرفة والنكرة هي خمسة أسماء فقط؛ أفعل، إذا كان صفة، نحو " أحمر " و " أشقر "، وفعلان الذي مؤنثة فعلى، نحو " سكران " و " غضبان "، ومؤنثهما " غضبى " و " سكرى "، وما كان في آخره ألف التأنيث ممدودة كانت أو مقصورة، نحو " حمراء " و " حبلى "، وما كان من الجمع على مثال ليس للواحد، نحو " مساجد " و " قناديل "، وما كان معدولا من العدد نحو " ثناء " و " ثلاث " إلى " عشار "، وفيه لغتان:" فعال " و " مفعل " من الواحد إلى العشرة، وكلتاهما لا تنصرف، وسائر الأسماء منصرفة في حال التنكير.
فإن قال قائل: لم قال سيبويه " فمن ثمّ أكثر الكلام ينصرف في النكرة " ونحن نعلم أيضا أن أكثر الكلام ينصرف في المعرفة؟
فالجواب في ذلك: أنه أراد فمن ثم أكثر الكلام الذي لا ينصرف إذا نكّر انصرف لأن ما لا ينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة أكثر مما لا ينصرف في المعرفة ولا في النكرة.
قال سيبويه:" واعلم أن الواحد أشد تمكنا من الجمع؛ لأن الواحد الأول، ومن ثم لم يصرفوا من الجمع ما جاء على مثال ليس يكون للواحد نحو " مساجد ".
و" مفاتيح ".
قال أبو سعيد: وقد تقدم من التفسير ما دل على أن الواحد أشدّ تمكّنا من الجمع.
وأما قوله: " فمن ثم لم يصرفوا من الجمع ما جاء على مثال ليس يكون للواحد نحو " مساجد ومفاتيح ". فإن " مساجد " و " مفاتيح " وما جرى مجراهما لا ينصرف، من قبل أنه جمع، وأنه لا نظير له من الواحد، وقد علمت أن الجمع على ضربين: جمع له نظير من الواحد، وجمع لا نظير له من الواحد، فالجمع الذي لا نظير له من الواحد هو " مساجد " ونحوها، والجمع الذي له نظير من الواحد نحو " كلاب " و " فلوس " ونظيرهما من الواحد " كتاب " و " سدوس "، والجمع إذا كان له نظير من الواحد لا يعتد به ثقلا، فالجمع الذي لا