لما زادوا عليها؛ لأنها ليس في الواحد آخرها حرف الإعراب، لما ذكرت لك ".
يعنيي: ألزموا لام " فعل " السكون، وبنوها على العلامة التي هي السكون، وحذفوا الحركة التي كانت فيه للنون التي زادوها؛ لأن اللام قبل اتصال هذه النون بها في قولك:
" فعل " لم تكن حركتها حركة إعراب، وإذا كانت الحركة بناء، فهي إلى السكون أقرب، فإنما أراد أن يسهل الأمر في تسكين هذه اللام، إذ كانت الحركة المتروكة فيها حركة بناء، لا حركة إعراب، والسكون الذي صيرت إليه هو أيضا
سكون بناء، فالأمر بينهما قريب، وقد أحكمنا علة ذلك فيما مضي من غير هذا الوجه.
وقوله: " لأنها ليس في الواحد آخرها حرف إعراب ".
يؤيد قول من يقول إن آخر حرف في التثنية في تقدير حركة هي إعراب، وأن التثنية والجمع معربان؛ لأن سيبويه قد جعل آخر حرف فيهما- أعني التثنية والجمع- حرف إعراب.
وقد ذكر هاهنا أن اللام في (فعل) ليس بحرف إعراب إذ لا إعراب فيه ولا يستحقه فعلم أنه لم يسم آخر حرف في التثنية والجمع حرف إعراب إلا والإعراب مقدر فيه.
قال سيبويه: " اعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض، فالأفعال أثقل من الأسماء؛ لأن الأسماء هي الأولى وهي أشد تمكنا، فمن ثم لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون، وهي من الأسماء، ألا ترى أن الفعل لا بد له من الاسم وإلا لم يكن كلام، والاسم قد يستغنى عن الفعل؛ تقول:" الله إلهنا "، " وعبد الله أخوك ".
قال أبو سعيد: اعلم أن سيبويه قدم هذه المقدمة ليرى خفة الأسماء المنصرفة، وأن الصرف فيها هو الأول، وأن الذي منع الصرف علل من بعد ذلك دخلت عليه حادثة فرعية فبدأ فدل على أن الفعل أثقل من الاسم في الأصل؛ لأن الاسم يستغنى به عن الفعل، كقولك:" الله ربنا "، ولا يجوز أن يقول قائل:" قام " أو غيره من الأفعال من غير أن يأتي بالفاعل، واستدل أيضا على ذلك بأن الفعل مأخوذ من المصدر والمصدر اسم، فالاسم إذا أصل للفعل، فلما دل على أن الاسم أخف والفعل أثقل، ذكر أن نقصان تمكن الفعل عن الاسم لثقل الفعل وخفة الاسم؛ لأن الاسم لخفته تدخله الحركات الثلاث والتنوين بعد ذلك، والفعل لا يدخله إلا حركتان ولا يدخله تنوين، والعلة الفاصلة بينهما