للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أنه إذا دخل عليه ياء النسبة سقط حكم الصدر فانصرف، وذلك قولك هؤلاء صياقلة ومهالبة وصيارفة كما تقول: هذا مدائنيّ ومعافريّ.

على أن في الواحد مثل ذلك كقولهم: رجل عباقية وهو الدّاهي.

وقد تسقط ألف الجمع تخفيفا فيقال: جندل، وذلذل يريدون جنادل وذلاذل وهي أسافل القميص الطويل ويصرفونه؛ لأنه نقص على البناء المانع للصرف.

وقد ترد أسماء أواخرها ياء، لفظها كلفظ الجمع، وهي مصروفة، والياء مذهوب بها إلى أنها ياء النسبة.

وربما ذهبوا ببعضها إلى الجمع، فمن ذلك: " يمان " و " شام " و " تهام " تقول: رأيت يمانيا، وشاميا، وتهاميا، وكأن الأصل يمنيّ وشأميّ، وتهاميّ، فجعلت الألف عوضا من إحدى الياءين وفي " تهام " لغتان " تهاميّ " بكسر التاء وتشديد الياء وهي منسوبة إلى " تهامة، والأخرى تهام " بفتح التاء في الرفع والجرّ، وفي النصب رأيت تهاميّا.

قال سيبويه: كأن الأصل فيه " تهميّ " وإن لم يستعمل قياسا على " يمنيّ " وتجعل الألف عوضا من إحدى الياءين.

ومن ذلك " ثمان " تقول: هذه ثمان، ورأيت ثمانيا، والأصل عنده ثمنيّ فعملوا به ما عملوا بيمان.

وكذلك قالوا في " رباع " هذا رباع، ورأيت رباعيّا، ومثله مما لم يذكره سيبويه، ولا غيره في هذا المعنى قولهم: رجل شناح للطويل، ورأيت شناحيّا، كل ذلك يذهب به مذهب النسبة.

وقد ذكر أن بعض العرب ترك صرف " ثمان " على مذهب الجمع، كأن الواحد " ثمنى " والجمع ثمان كما قالوا:

ملهى، وملاه وأرطى، وأراط.

وأنشد:

يحدو ثماني مولعا بلقاحها ... حتّى هممن بزيغة الإرتاج (١)

ولو سميت رجلا ب " كراهي " من قولنا: كراهية، و " بعلاني " من علانية فالوجه أن يجعل " كرباع "، و " شناح "، ولو ترك صرفه كما ترك صرف ثمان كان مذهبا.


(١) ينسب البيت إلى ابن ميادة في خزانة الأدب ١/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>