للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو سعيد: للمحتج عن سيبويه أن يقول: أن بدل " هلكه " من " قيس " لا يشبه الآية لأن هلكه إذا أبدل من " قيس " جعل مكانه واحتاج إلى مثل ما كان يحتاج إليه " قيس " من الخبر فأتى له بخبر فقام خبره مقام خبر " قيس " كما أقيم هو مقام " قيس ".

وليس كذلك الآية. لأنه إذا قرأ " ولا تحسبن الذين كفروا " وجب أن يؤتى " لِلَّذِينَ كَفَرُوا " بخبر لأنه بمنزلة اسم مفرد. والبدل منه لا يصح أن يكون خبرا عنه. وقد يحتمل تجويز ذلك على وجه آخر ضعيف لا أحب أن يحمل كتاب الله عليه. أما ضعفه فلأنه بدل من اسم يقتضي خبرا. وقد أبطل خبره ولأنه أيضا أبدل اسما يقوم مقام

اسمين من اسم مفرد لا يقوم مقام اسمين فلان الاسم الأول إذا أبدل منه جعل بمنزلة المطرح الذي لم يذكر واعتمد بوقوع المحسبة على الثاني ولم يعتد بالأول كأنه قال: " ولا تحسبن أنما تملى لهم خبر لأنفسهم " ومثله قوله:

لسان السّؤ تهديتها إلينا ... وحنت وما حسبتك أنّ تحينا (١)

أبدل (أن تحينا) من الكاف و " أن تحينا " تقوم مقام مفعولي حسبك.

كما قال عز وجل: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (٢) وتَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٣) وإنما جاز " وجدت خبره أنما يجالس أهل الخبث " لأن " الخبر " مصدر و " أنما " مصدر هو الأول. وجوّز أن تقول في الابتداء: خيرك أنما تجالس أهل الخبث.

ولا يجوز: " زيد أنما يجالس ".

ولا تقل: " خبرك أنما تجالس أهل الخبث " بالكسر كما لا تقول: (زيد أنما تجالس أهل الخبث) بالفتح وكذلك: " أرى أمره أنما يجالس " ... بالفتح وأنه في موضع المفعول الثاني.

وفي الباب التالي لهذا ما يكون بدلا مما هو مثله. كقولك: بلغني قصتك أنك فاعل وقد بلغني الحديث أنهم منطلقون " هذا بين لأن الصفة والحديث هما: " أن ".


(١) البيت لم نعثر على قائله. انظر المغني: ١/ ١٨٢، شرح شواهد السيوطي ١/ ٥٠٦.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٧١.
(٣) سورة القيامة، الآية ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>