للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعطيك)، واستحسن المجازاة بعد لا كقولك: لا من يأتك تعطه، ولا من يعطك تأته، وكقوله:

... ولا من يأتيها يتدسّم (١)

لأن (لا) لا تفصل بين العامل والمعمول فيه في قولك: فمررت برجل لا قائم ولا قاعد.

وقال الشاعر:

ما لقي البيض من الحرقوص ... يدخل تحت الفلق المرصوص

بمهر لا غال ولا رخيص (٢)

وفي قولك: خفت أن لا يقول، كما تقول: خفت أن تقول، وجعلها لغوا لأنها لا تفصل بين العامل والمعمول فيه كما أنّ (ما) في قول الله- تبارك وتعالى-: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ (٣) لم تفصل بين الباء وبين رحمة، وقوّى أيضا المجازاة (بمن) بعد (لا) وقوع (إن) بعدها في قولهم:

لا إن أتيناك أعطيتنا، ولا إن قعدنا عنك عرضت علينا، وذلك أنها تدخل في الكلام فلا تغيّره عن حده في الإيجاب، لأنه ينفي على ما كان موجبا، كقولك: لا مرحبا ولا أهلا بزيد ولا سلام على بكر، على قولك: مرحبا وأهلا بزيد وسلام على بكر، ولكن بمنزلة (إذا) في حسن إضمار الابتداء بها، فحسنت المجازاة على ذلك التقدير، ألا ترى أنّك تقول: ما رأيتك عاقلا ولكن أحمق، ومنه ما أنا ببخيل ولكن إن تأتني أعطك، ومنه قول طرفة:

ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٤)

على تقدير: ولكن أنا متى؛ وقد تقدم قولنا أن متى لا توصل بالفعل ولا تغيّره، كما يوصل الذي، ومن، وما، وأيّهم، لأنه لا يخبر عن (متى) كما يخبر عن هذه الأسماء.

وقوله:


(١) عجز بيت سبق تخريجه.
(٢) لم تقف عليه فيما أتيح لنا من مصادر.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٥٩.
(٤) عجز بيت ثم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>