للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول: لا مرحبا ولا أهلا، ولا تغير الشيء عن حاله التي كان عليها قبل أن ينفيه، ولا ينفيه مغيّرا عن حاله يعني في الإعراب الذي كان، فصار ما بعدها معها بمنزلة حرف واحد ليست فيه (لا) و (إذا) وأشباهها لا يقعن هذه المواضع، ولا يكون الكلام بعدهن إلا مبتدأ قال ابن مقبل:

وقدر ككفّ القرد لا مستعيرها ... يعار ولا من يأتها يتدسّم (١)

ووقوع (إن) بعد (لا) يقويّ الجزاء فيما بعد لا.

وذلك قول الرجل: لا إن أتيناك أعطيتنا، ولا إن قعدنا عندك عرضت علينا، و (لا) لغو في كلامهم.

ألا ترى أنّك تقول: خفت ألّا يقول، ويجري مجرى خفت أن تقول.

وتقول: إن لا تقل أقل، فلا لغو. وإذا وأشباهها ليست هكذا إنما يصرفن الكلام أبدا إلى ابتداء.

وتقول: ما أنا ببخيل ولكن إن تأتني أعطك، جاز هذا وحسن لأنك قد تضمرها هنا كما تضمر في (إذا)، ألا ترى أنك تقول:

ما رأيتك عاقلا ولكن أحمق، فإن لم تضمر تركت الجزاء، كما فعلت ذلك في (إذا) فاصرفه، قال طرفة:

ولست بحلّال التّلاع مخافة ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٢)

كأنه قال: أنا ولا يجوز في (متى) أن يكون الفعل وصلا لها، كما جاز في (من) و (الذي) وسمعناهم ينشدون قول العجير السلولي:

وما ذاك أن كان ابن عمّي ولا أخي ... ولكن متى ما أملك الضرّ أنفع (٣)

والقوافي مرفوعة كأنه قال: ولكن أنفع متى ما أملك الضرّ، ويكون أملك على متى في موضع جزاء، وما لغو. لا نجد سبيلا إلى أن يكون بمنزلة (من) فتوصل، ولكنها كمهما.

وأما قول الله- تبارك وتعالى-: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ (٤)


(١) البيت في ديوانه ٣٩٥، الكتاب ٣/ ٧٧.
(٢) البيت في ديوانه ٢٩، الخزانة ٩/ ٦٦، ٦٧؛ الكتاب ٣/ ٧٨.
(٣) البيت في ديوانه، الخزانة ٩/ ٦٦، ٧٠، ٧٣؛ والكتاب ٣/ ٧٨.
(٤) سورة الواقعة، الآيتان: ٩٠، ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>