لم تحتفظ المكتبة العربية لأبى عثمان إلا بكتاب الأفعال، ولم أقف - على كثرة ما رجعت إليه من التراجم، والفهارس، والتواريخ، وكتب الطبقات - على آثار أخرى له.
والسؤال الذى يفرض نفسه.
أوقف تأليف «أبى عثمان» عند هذا الكتاب؟ أم أن لهذا العالم تواليف أخرى غير أنها لم تصل إلينا بعد؟
الاحتمال الأول يقول: إن كتاب الأفعال كتابه الوحيد؛ لأن الذين ترجموا له لم يذكروا له كتبا أخرى، ولو كانت له كتب أخرى لذكروها.
وأن «أبا عثمان» لم يحل فى كتاب الأفعال إلى كتب أخرى له شأن كثير من المؤلفين الذين نعرف كثيرا من ثبت كتبهم من خلال تواليفهم.
الاحتمال الثانى يقول: إن لأبى عثمان كتبا أخرى، وأنها لم تصل إلينا بعد؛ لأن الذين ترجموا له قلة من العلماء، ومصدرها الذى استقت منه واحد.
وأن كتب «أبى عثمان» لم تقرأ عليه، وتروعنه لانصرافه إلى الجهاد، وأن من صار إليه مؤلف منها ضنّ به لنفاسته. يرجح هذا أن أبا بكر محمد بن خير الأموى الإشبيلىّ من علماء القرن السادس، وأحد المصادر المبكرة الذى ترك فهرسة بالدواوين والكتب التى رواها عن شيوخه دقق فى سند رواية كل مؤلف حتى وصل به إلى مؤلفه غير كتب قليلة انقطعت سلسلة روايتها قبل مؤلفها، وأحدها أفعال أبى عثمان، وأن كتاب الأفعال مع غزارة مادته العلمية، ومع أنه أوفى كتب الأفعال التى ظهرت - حتى الآن - لم يظفر بما يستحق من اهتمام.