للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"معنَىَ بديع قلَبَه من معنًى آخرَ ونقَلَ معظمَ ألفاظِه، وذلك في قول أبي العلاء ... :

قُرَيْطيّةُ الأخوالِ ألمَعَ قُرطُها ... فسَرَّ الثُّريّا أنها أبدًا قُرطُ"

ثم أورَدَ بعدَ هذا أنّ معنى بيتِ المَعَرّي مولَّد من معنًى آخر لابن المعتزّ في قوله:

في الشّرق كأسٌ وفي مغارِبها ... قُرطٌ وفي أوسطِ السماءِ قَدَم (١)

ومن مظاهر ما ذكرناه أيضًا: اهتمامُه بنسبة الشّعر غيرٍ المنسوب إلى أهلِه، أو تحقيقِ نسبتِه إلى أصحابه (٢).

هذه مقتَطفاتٌ من نَقْده الذي يجيءُ خلال التراجم على سبيل الاستطراد؛ ولذلك يَعتذِرُ عن عدم الإطالة والتوسُّع فيه، كقولِه: "وفي ما أوردتُه من هذا كفاية، إذِ الاطالةُ في مثله تُخرج عن مقصود الكتاب، وله موضعٌ آخر، وإنّما أوردُ من هذا ما أُورد لِما جُبِلت عليه النفوسُ الزّكيّة من المَيْل إلى هذه الطريقة الأدبيّة، إلى ما فيه من إجمامِها خوفَ الإملال، وإصلاحها في تصريفها بالنقل من حالٍ إلى حال" (٣).

هوايتُه:

كان ابنُ عبد الملك قارئًا كبيرًا، ولعلّه كان فريدَ عصره بالمغرب في سَعة الاطّلاع وكثرة القراءة، ويدُلُّنا كتابُه "الذّيل والتكملة" على شَغَفِه الغريب بالوقوف على المؤلّفاتِ في مختلف العلوم، ولا نعرفُ في أعلامِنا القدماءِ مَن يضاهيه في معرفة الكُتُب وما يتّصل بها.


(١) الذيل والتكملة ١/الترجمة ٤١٩.
(٢) المصدر نفسه ١/الترجمة ١٤٥، ٢٢٥ و ٨/الترجمة ١٢٥.
(٣) المصدر نفسه ٦/الترجمة ٨٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>