للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكنُ القول بأنه قرأ جُلَّ الكُتُب التي سرَدَها في كتابه، وهي تُعَدُّ بالمئات أو الألوف، ونعتمدُ في هذا إمّا على تصريحِه بالوقوف عليها، أو على وَصْفها بما يدُلُّ على مطالعته لها، ومما يُلفت النظر أنه يَذكُر في الغالب وقوفَه على هذه الكُتُب بخطوطِ مؤلّفيها.

كما أنّ معظمَ الأشعار والرسائل التي يَشتملُ عليها "الذّيل والتكملة" منقولةٌ من خطوط أصحابها.

وهذا شيءٌ لم يكن يتيسّرُ في ذلك الزّمان إلا لمن كان له شغَفٌ كبير بالكُتُب، وكان مُعانًا على ذلك بالجِدَة والجاه، وفي عصر الوِراقة والنَّسخ اليدويّ كان ابنُ عبد الملك يقفُ على أكثرَ من نسخة من الكتاب الواحد، وقد يكونُ هذا الكتابُ مجرَّدَ ديوان لشاعر غير مشهور، ومثالُ ذلك أنه ذكَرَ خلافًا في نسبة بيتَيْن من الشعر بين الرُّشاطيّ وابن خاقان، وقال: "يترجَّح عندي ما ذهب إليه الفتحُ من وجهين: أحدُهما: أنّ الفتحَ (يعني: ابنَ خاقان) أشدُّ عناية بهذا الشأن من أبي محمد (يعني: الرُّشَاطي)، والثاني: أنّ هذَيْن البيتَيْن ثابِتان في غير نُسخة من شعر اليَعمُري (يعني أبا جعفرٍ أحمدَ ابن البُنّي) حسبَما وقفْتُ عليه" (١).

وفي ترجمة أبي موسى الجَزُوليّ يشيرُ إلى وقوفِه على نُسَخ متعدِّدة من كُرّاسته المشهورة في النّحو، قال: "وقد وقَفتُ على خطِّه في نُسَخ منها محمّلًا إياها بعضَ آخِذيها عنه" (٢).

وأما كتب الدراسة فقد كان يقفُ منها على نُسَخ كثيرة بخطّ ناسخ واحد أحيانًا، قال في ترجمة أبي الحَسَن بن أُميّة: "وكتَبَ بخطّه الأنيق كثيرًا من كتب المبتدئين كالجُمَل وأشعار السّتة والحماسة المازِنية (يعني حماسةَ أبي تمّام) وفصيح


(١) الذيل والتكملة ٦/الترجمة ٨٣٦.
(٢) المصدر نفسه ٨/الترجمة ٣٤ (ترجمة الجزولي).

<<  <  ج: ص:  >  >>