للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديثًا (١)، ومن ذلك أيضًا: انتقادُه تلقِّي لام الإيذان بالقَسَم من لئن بالفاءِ التي تُتلَقَّى بها أدواتُ الشّرط، وهو غَلطٌ جرَّه كما يقول "اعتبارُ الشّرط الذي دخَلت عليه لامُ القَسَم، والعربُ إنّما تُراعي في هذا الباب ما تُصدِّرُ به الكلام"، وقال: "وإنّما حقُّها (أي: لام الإيذان بِالقَسَم) التلقِّي باللام أو ما يُتَلقَّىِ به القَسَم على الجملة، وفي التنزيل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ} [لقمان: ٢٥]؛ {وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} [الحشر: ١٢]؛ في آيِ كثيرة" (٢). وقد انتقَد على بعضهم استعمالَ "انطفأ" مطاوعَ "أطفأ"، وقال: "لم تَستعمل العرَبُ "انفعل " مطاوعَ "أفعَلَ" إلّا شاذًّا" (٣). وثمّةَ أمثلةٌ أخرى في "الذّيل والتكملة". وله أحكامٌ نَقْديّة مجمَلة، كقولِه في ابن خَروف الشاعر: "وكان شاعرًا مُجيدًا بارعَ التشبيهات نبيلَ المقاصد ولا سيّما في المقطَّعات، فله في نَظْمِها الشأوُ الذي لا يُدرَك"، وقولِه في بعض تشبيهاته: "وهذا من التشبيهات العُقْم على قلبٍ فيه يمكنُ تسويتُه بوَجْهٍ ما" (٤).

ويبدو من نَقْد ابن عبد الملك أنه كان يَرجِعُ فيه إلى محفوظٍ طيّب من الشّعر العربيّ واطّلاع جيّد على أُمّهاتِ كُتُب الأدب ودواوينِه، ومن مظاهر هذا إلمامُه بالمعاني المتداوَلة بين الشّعراء، كأنْ يقولَ في معنًى من المعاني: "قد تداوَلَه الناسُ كثيرًا قديمًا وحديثًا" (٥) ثم يوردَ شيئًا مما قيل فيه. ومن هذا قولُه في معنى بيتَي ابن المُرحَّل:

رأيتُ مثالا لو رأتْهُ كرؤيتي ... نجومُ الدُّجى واللّيلُ أسودُ مُشمطُّ

لسَرَّ الثُّريّا أنها قَدَمٌ ولم ... يَسُرَّ الثُّريّا أنها أبدًا قُرطُ:


(١) الذيل والتكملة ١/الترجمة ٣٢٧.
(٢) المصدر نفسه ٤/الترجمة ١٥٥، ٣٦٣.
(٣) المصدر نفسه ٦/الترجمة ١٠.
(٤) المصدر نفسه ٥/الترجمة ٦٧٣.
(٥) المصدر نفسه ٦/الترجمة ٨٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>