للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤلّفاتُه وَآثارُه:

قد يُعتبر ابنُ عبد الملك مُقِلًّا في التأليف بالنسبة إلى بعض مُعاصريه، وبالنظر إلى قراءاته الهائلة ومشاركته الواسعة، وقد ألّف كتابَيْن كبيرين هما: الذّيل والتكملة لكتابَي الموصُول والصِّلة، والجَمْع بين كتابَي الموصُول والصِّلة، والجَمْع بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق على كتابِ الأحكام، وهما مؤلَّفانِ استَبدّا بجُلِّ وقته وأنفق فيهما معظمَ حياته، وذلك بحكم مادّتِهما التي تتطلّبُ الاستقصاءَ وطبيعةِ منهجهِما الذي يقتضي ضروبًا عسيرةً من الترتيبِ والتنسيق.

أ - الذّيل والتكملة:

ويبدو كلُّ هذا جليًّا على الخصوص في كتاب "الذّيل والتكملة"، ولعلّ هذا ما عَناه ابنُ الزُّبير حين قال متحدِّثًا عن هذا الكتاب -وكأنه يُبرِّر قلةَ مؤلّفاتِ ابن عبد الملك-: "وعلى هذا الكتاب عَكَف عمُرَه، ولم يتمَّ له مَرامُه منه إلى أن لحِقته وفاتُه؛ لأنه ألزَمَ نفسَه فيه ما يعتاصُ الوفاءُ به من استيفاءِ ما لم يلتزمْه ابنُ بَشْكوال ولا الحُمَيْديّ ولا ابنُ الفَرَضيّ ومَن سلك مسلكَهم". ولا ننسى أنّ ابنَ عبد الملك عاش في فترة انتقاليّة كانت محُوطةً بالمكاره والمخاوف، وأنه مات في الأخير غريبًا عن بلده نائيًا عن أهله وولده.

ومعَ ذلك، فقد أشار في كتابه "الذّيل والتكملة" إلى مؤلَّفاتٍ ومقالات له لم تصلْ إلينا مع الأسف وسنَسرُدُها فيما بعدُ.

لم يُشر ابنُ عبد الملك إلى تجزئة كتابِه فيما وَصَلَ إلينا من مقدّمته، وربّما أشار إلى شيءٍ من هذا في آخِر المقدّمة الذي بقي بياضًا في النُّسخة التي انتهت إلينا، وقد ذكَرَ كلٌّ من السَّخاوي في "الإعلان بالتوبيخ" والسُّيوطي في مقدّمة "بُغية الوُعاة" أنّ "الذّيلَ والتكملة" يقعُ في تسع مجلّدات، وقد تكونُ هذه هي تجزئةَ الأصل الذي تركه المؤلّف، ويبدو أنّ بعضَ النُّسخ المتأخِّرة خالفت هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>