بمسجد الشَّنْتَرينيِّ بالحَطّابِينَ داخلَ إشبيلِيَةَ في نَوْم قائلةِ النهارِ الثاني كأنه بالجَبّاسينَ القديم، وهو بينَ مسجد أبي عِمرانَ بالكنيسة المرجُومة وتُربتِه بالنَّخيل الصَّغير داخلَ إشبيلِيَةَ، وإذا أبو عِمران الزّاهد، فكأنّه يَهشُّ إليه ويَتبَعُه ويقولُ له: من عندِ الحاجِّ وصَلتُ، وقد أصلَحَ أبو الحُسَين مسألةً، قال: فكأنّي تبِعتُه إلى موضع قبرِه، فكان يَغِيبُ عنّي فأفقْتُ وجئتُ الحاجَّ فوجدتُه قد صَرَفَ الصِّبْيانَ للغَداء وهو ناعِس، فسلَّمتُ عليه وعرَّفْتُه برُؤيايَ في الحينِ أبا عِمرانَ الزّاهد، فقال لي: الآنَ انصَرفَ عنّي، قال: فبَيْنا نحن نقولُ: مَن أبو الحُسين؛ إذا الرجُلُ الذي كان قد تَغيَّر على الحاجِّ داخِل، فلمّا وصَلَ إلى الحاجِّ قبَّلَ رأسَه واعتَذرَ له وقال له: ذهبتُ لأبي الحُسَين بن زَرْقُون فقال لي: إنّ الذي فعَلَ الحاجُّ جائزٌ في المذهب، وما كان كلامي إلا اغتباطاً منّي بالصّلاة خلفَك، قال: فأخَذْنا نضحَكُ ضِحْكَ التعجُّب، فظَنَّ الرجُلُ أنا ضَحِكْنا هُزُؤاً به، فقال: مِمَّ تضحَكانِ؟ فعرَّفناهُ بما قال أبو عِمرانَ الزّاهد، فعجِبَ أيضًا. رحمَهم اللهُ أجمعين.
ومنها: أنه أوصَى عندَ حضور وفاتِه أن يُكفَّنَ في أثواب رَثّة كانت عندَه كان قد طَهَّرها بماءِ زَمْزَم، فلمّا مات اقتضَى نظرُ ورَثتِه أن يَزيدوا ثوباً جديداً على الكفَن، فأعَدُّوا ذلك الثوبَ معَ تلك الثِّياب الرَّثّة، فلمّا دَفَنوه وأرادوا بعدُ قَسْمَ ميراثِهم منه، وجَدوا الثّوبَ الذي زادوه على الأثوابِ الرَّثّة التي أعَدَّها الحاجُّ لتكفينِه وأوصَى به في جُملة أسبابِه، فطال تعجُّبُهم من ذلك وشاع ذلك الحديثُ به.
٤٩٩ - أحمدُ (١) بن محمد بن أحمدَ بن إسماعيلَ بن محمد الأُمَيِّيُّ، مُرْسِيّ، أبو القاسم الطَّرَسُونيُّ إذ أصلُه منها.
(١) ترجمه ابن الأبار في التكملة (٢٨٥) باسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأميي، يعرف بالطرسوني، والرعيني في برنامجه ١٣٠، والمقري في نفح الطيب ٢/ ٦٠٣، وسيعيده المؤلف في الترجمة (٥٥٥)، والترجمة (٥٨٠) بالاسم الذي ذكره ابن الأبار ونبّه إلى أنهم واحد.