للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فللاشتراك الذي في لفظ الجُنُب يَقبُح استعمالُه ولا سيّما في مخاطبة النساء، وكذلك لفظُ الذّكَر الواقعُ في البيتِ الذي أولُه:

أنثى سَمَا باسمِها النادي وكم ذكرٍ ... يُدعى كأنّ اسمَه من لؤمِه لقَبُ

فتأمله" (١).

وهو كما ترى مولَع بانتقاد استعمال الألفاظ المشتركة كما في هذا المثال والمثال السابق من شعر ابن المُرحَّل، ويبدو أنّ له وَقَفاتٍ نقديّةً من هذا القَبيل معَ شعر الفقيه ابن الفَخّار المالَقيّ. قال ابنُ الخَطيب: "شعرُه كثير، غريبُ النَّزعة، دالٌّ على السَّذاجة، وعدم الاسترابة والشعور، والغفلة المُعرِبة عن السلامة من ارتكابِ الحُوشيّ واقتحام الضّرائر، واستعمال الألفاظ المشتركة التي تتشبَّثُ بها أطرافُ المَلاحِن والمَعاريض، ووَلع كثيرٌ من أهل زمانِه بالردّ عليه والتملُّح بما يَصدُر عنه، منهم: القاضي أبو عبد الله ابن عبد الملك" (٢).

وينبغي أن أُشيرَ هنا إلى أنّ بعضَ الاستعمالات كانت مثارَ نَقْد في هذا العصر مثلَ: استعمال "كان ماذا" إذْ جرَت بسببِه مناظرة بين ابن أبي الرّبيع وابن المُرحَّل وألَّف هذا في الموضوع كتابَ "الرَّمي بالحَمى والضَّرْب بالعصا" (٣).

وبالجُملة، فإنّ ابن عبد الملك في نَقْدِه الأدبيّ -حسَبَ النماذج الموجودة منه- يُعالجُ في الغالب شوائبَ نَحْويّةً أو لُغَويةً أو عَروضيّة، كانتقاده على بعضِهم أنه "استَعمل الجِيل بمعنى القَرْن غلطًا، وإنّما هو بمعنى الأُمّة. فالعربُ جِيل والرّومُ جيل وكذلك الفُرس والتُّرك وغيرُهم" (٤)، وانتقادِ استعمال الدعاوِي جَمْعُ دعوى، قال: وهو غلط جرى عليه كثير من الشّعراء والكُتّاب قديمًا


(١) الذيل والتكملة ٨/الترجمة ٢٨٩.
(٢) الإحاطة ٣/ ٩٥.
(٣) نفح الطيب ٤/ ١٤٥.
(٤) الذيل والتكملة ١/الترجمة ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>