للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَفوهِ لَطليح، وإنّ الاعترافَ بالعجز لَمريح وحَسْبي وقد بلَّحْتُ، وصرَّحتُ من قُصوري بما صَرَّحت، عهدٌ صحيح، ووُدٌّ صريح، وثناءٌ لا أُرِيمُه ما طلَعَتْ شمسٌ وهبَّت ريح، إن شاء اللهُ تعالى؛ وأستنهضُ سيِّدي اقتضاءَ جوابِ المقام الإماريِّ المتوكِّلي -أيَّده اللهُ تعالى- عن كتابَيْه المُوافيَيْنِ بالتهنِيَة، الوافيَيْنِ لشكرِ الله على ما أَوْلى في مُستجلَى صُنعهِ الجميل من التيسيرِ والتَّسنِية، وقد انتهَيْتُ إلى العمل بتلك الإشارة، وأدَّيتُ المعنى وإن قَصَّرتُ في العبارة، وأبدَيْتُ في حقِّه ما يجبُ لدى مَثابةِ الإمارة، والجوابُ واصلٌ إلى سيِّدي صُحبةَ هذا المكتتِب، وقادمٌ من جَنابِه الرَّحْبِ على مَعْلمِ العلم ومُنتْدَى الأدب، بحولِ الله تعالى، وهو سبحانه يَزِينُ السيادةَ بطُولِ بقائه، ويَزيدُ الإفادة بحُسنِ لقائه، بمنِّه وفَضْلِه.

وكتَبَ أبو المُطَرِّف بن عَمِيرةَ، وهو قاضٍ برِباطِ الفَتْح، إلى شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ وهُو بسَبْتةَ [الكامل]:

قلبي على شَرْع الصَّفاءِ أبا الحَسَنْ ... لكَ طائعًا فَرْضَ الهوى والمدحَ سَنّ

ووحقِّ مَن جمَعَ المحاسنَ فيك ما ... أبصَرتُ بعدَك ما يقالُ له: حَسَنْ

كتابي إلى شيخي الذي بإسنادِه أعلو، وعِمادي الذي عن ذكْرِه لا أخْلو، وأنا على ما عَلِمَه من حبٍّ فيه، وتعظيم على قَدْر معرفتي بحقِّه أُو فيه [١٠٦ ظ] والسؤالُ عنه ديونُ لساني، والشوقُ إليه دَيْدَني وشَاني، وما كنتُ أحسِبُ إلّا أنه وضَعَ عصا التَّسْيار، وأزمَعَ مُكْثًا في تلك الدِّيار، ولكنّي مرةً كنتُ أنسُبُه إلى المَرِيّة، وتارَةً كنت أحسِبُه في الجهةِ الأحمَريّة، وربّما قَدَّرتُ أنّ حِمصَ به استأثَرَتْ، وأشواقَه إليها تكاثَرت، فعاد إليها كما يعودُ إلى الجِيدِ الحُليّ، أو إلى الفقيدِ الوَليّ، إلى أنْ طلَعَ عليَّ خطُّهُ كالصُّبح في الغَسَق، أو السِّحرِ في نُجْلِ الحَدَق، فقلتُ: أفي عينيّ سِنةٌ أم هي يَقْظَى، وهذه رؤيةٌ لم أخَلْها بها تحظَى، ولمّا استبَنْتُ العِيَان، وتأمَّلتُ ذلك البيان، قلت: هذا بزٌّ يشهدُ لليدِ التي نسجَتْه، وبَزْرٌ لا تُجْهَلُ أرضٌ هي أخرجتَه، بل هو سَنَا يُشَهِّرُ كوكَبَه، وتركيبٌ يظهَرُ فيه أثرُ مَنْ ركَّبه، فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>