للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الناحلةِ أبدانًا (١)، النُّضاريّةِ ألوانًا، المانعةِ والمانحة أحيانًا وأحيانًا، تنشُرُ حسَناتِ الزمن، وتنمِّقُ نسيجَ صنعاءِ اليمن، فمِن مُنتجع نَبْتِها منوِّرًا، ومن مُعاين منظرِها قنًا وأسِنّةً وسنوّرًا، هنالك يتبيَّنُ الِهنْديُّ والرّدان، والصِّنديدُ والجَبان، ويُستنطَقُ المنخوبُ الجَنَان، فيَجبُنُ عن المنطِق، وتُسَنُّ الموضونةُ فتكونُ كنسيج الخدَرْنق (٢)، ومنَ افتنانِها، واندفاقِ بيانِها، أنْ تناوَلا العَيْنَ فغَنِما، ونَبَّها من عيونِهما نَوْمًا، ونَهَباها نَفْضًا لفِنائها، ونَقْضًا لبنائها، فانثنَتْ تُفنِّدُ مصنِّفَ ديوانِها، أنِ اعتنَى بمكانِها، ونوَّه بعُنوانِها، وتَنْآدُ مُستنصِرةً معانيَها المتباينة، وقُرَناءها المُبايِنةَ والمُساكنة، فيسمعَنْها أنّ الإنذارَ بَيَّن، والانتظارَ لنوبتِنا تعَيَّن، وكأنّ بنا ونحن نُسَفُّ للناسِر، ونُعَدُّ بينَ الأنيابِ والمَناسِر، فهنيئًا لهذينِ العَلَمَيْنِ صناعةٌ بيانيّة، ونَصاعةٌ نَيْسانيّة، وتناولٌ لفنونِ الإتقان، وتنقُّلٌ بينَ [١٠٥ ظ] الإقناع والبُرهان {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣] نزَّها منصبَهما عن الدَّنَس، وزيَّنا بمحاسنِهما جانبيَ الأندَلُس، فلجانبِها: ابنُ الجَنّانِ السَّنيّ، وللثاني نادرةُ الزّمنِ الرُّعَيْنيّ، فتجنَّبَتْهما نوائبُ الزمان، ونامَتْ عنهُما عيونُ الحَدَثان، واكتنفَتْهما نِعَمُ المَنّان.

ونختِمُ بتحيّتَيْنِ عَبِيقتَيْنِ عينيتَيْنِ غَدِقتَيْنِ طيِّبتَيْنِ صَيِّبتَيْنِ، تنتابُ فِناءهما منزلًا، وتنمُّ بناديهما عَنْبرًا ومندِلًا.

وهذه الرِّسالةُ التي كتَبَ بها شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني يتشَوَّفُ في بعضِها إلى هذه الرِّسالة النُّونية، وخاطَبَ بها أبا المُطَرِّف بنَ عَمِيرة:

التحيّةُ الكريمة، البَهِيّةُ الوسيمة، تُخيِّمُ بنادي المجدِ المؤسَّس بناؤه، ووادي الفضل المقدَّس فِناؤه، حيث أزهارُ الأدبِ نَضِيرة، وزواهرُ الحَسَب مُنيرة، أرى عَلَمَ أعلامِ الجزيرة، ومنِ الذَّخيرةُ دونَ ذكْرِه في عظماءِ عُلمائها ليسَتْ بذَخيرة، الفقيهُ الجليل الرئيسُ الأصيل، أبو المُطَرِّف ابنُ عَمِيرة، أبقاه اللهُ وآياتُ بلاغتِه


(١) يعني الأقلام.
(٢) الخدرنق: ذكر العناكب.

<<  <  ج: ص:  >  >>