والنصوصُ التي ذكرناها آنفًا صريحةٌ في أن التُّجيبيَّ يروي عن ابن عبد الملك ويعتبرُه شيخَه، ومن الغريب أنه لم يُشرْ إليه في "برنامَجه"، ولم يُجْرِ ذكْرَ "الذَّيل والتكملة" في هذا البرنامَج، وقد وجدناه يقول في آخِره:"وقد قرأت وسمعتُ غيرَ ما ذُكر على غير من ذُكر واقتصَرتُ على هذا القدَرْ مخافةَ الإطالةِ والإكثار، حسبما أعان عليه الوقتُ ولرغبة الأصحاب في الاختصار"(١)، أو لعلّ التُّجيبيَّ روى "الذّيل والتكملة" بعد أنْ فرَغَ من تأليفِ برنامِجَه.
نستطيع القول بأن أهلَ العلم تداولوا كتابَ "الذَّيل والتكملة" بعدَ وفاة مؤلِّفه مباشرة، والأدلة تشهَدُ على أنه عُرف وقرئ بمَرّاكُش وفاسَ وسَبْتة وتلِمسان وتونُس وغَرناطة منذ مطلع القرن الثامن، واستُعمل بالمشرق في القرن التاسع، وقد أشار السَّخاويُّ إلى وقوفِه عليه وقراءته الأجزاء الخمسةَ الأولَ منه، كما عدَّه السُّيوطيُّ من مصادرِه في مقدّمة "بغية الوعاة" ونقَلَ عنه كثيرًا.
وظلّ "الذّيلُ والتكملة" يُستعمَل ويُستنسَخ، فقد نقَلَ عنه من المتأخِّرين ابن غازي في "الرَّوض الهَتُون" و"شفاءِ العليل" مرّات، وابنُ القاضي المِكْناسيُّ مرارًا في "جذوة الاقتباس"، وأحمد بابا السّوداني وعبدُ الرّحمن الفاسيُّ في كتابه "استنزال السَّكينة"، ولا نعرفُ ماَلَ النسخة التي نقَلَ عنها هذا العالِم المتوفَّى في أواخِر القرن الحاديَ عشَرَ للهجرة.
والجزءانِ الموجودانِ بالمتحف البريطاني هما من نسخةٍ حديثة نسبيًا، وناسخُ هذه النسخة التي لا نَعرِف مصيرَ الأجزاء الأخرى منها هو عبد الله بن عُمر بن عثمان التدغي.
وثمّةَ نسخةٌ أخرى كانت حديثةَ التداول ومنها السِّفر الأول المحفوظُ بالخزانة الحَسَنيّة، إذ نقرأ في ظهر الورقة الأولى منه المُلكيّة الآتية: