قال: فإن ذكروا ضعف عطاف، قيل لهم: وأنتم أيضًا تضعفون عبد الحميد بن جعفر أكثر من تضعيفكم لعطاف، مع أنكم لا تطرحون حديث عطاف كله، وإنما تصححون قديمه وتتركون حديثه، هكذا ذكره ابن معين في كتابه. وابن أبي مريم سماعه من عطاف قديم جدًا. وليس أحد يجعل هذا الحديث سماعًا لمحمد بن عمرو من أبي حميد، إلا عبد الحميد، وهو عندكم أضعف، ثم أخرج عن عيسى بن عبد الرحمن بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء، أحد بني مالك عن عباس بن سهيل الساعدي، وكان في مجلس فيه أبو سهيل بن سعيد الساعدي. وأبو حميد. وأبو هريرة. وأبو أسيد، فتذكروا الصلاة، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، الحديث، وليس فيه: فقالوا: صدقت. قال: وقوله فيه: فقالوا جميعًا: صدقت، ليس أحد يقولها إلا أبو عاصم. انتهى. وأجاب البيهقي في كتاب المعرفة، فقال: أما تضعيفه لعبد الحميد بن جعفر فمردود، بأن يحيى بن معين وثقه في جميع الروايات عنه، وكذلك أحمد بن حنبل، واحتج به مسلم في صحيحه. وأما ما ذكر من انقطاعه، فليس كذلك، فقد حكم البخاري في تاريخه بأنه سمع أبا حميد. وأبا قتادة. وابن عباس، وقوله: إن أبا قتادة قتل مع علي، رواية شاذة، رواها الشعبي، والصحيح الذي أجمع عليه أهل التاريخ أنه بقي إلى سنة أربع وخمسين، ونقله عن الترمذي. والواقدي. والليث. وابن منده في الصحابة، أطال فيه. ثم قال: وإنما اعتمد الشافعي في حديث أبي حميد برواية إسحاق بن عبد اللَّه عن عباس بن سهيل عن أبي حميد، ومن سماه من الصحابة، وأكده برواية فليح بن سليمان عن عباس بن سهيل عنهم، فالإعراض عن هذا والاشتغال بغيره ليس من شأن من يريد متابعة السنة. انتهى. كلامه. حديث آخر، أخرجه مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رفع يديه حين دخل في الصلاة، وحين ركع، وحين رفع رأسه من الركوع، أخرجه مختصرًا ومطولًا، قال الطحاوي في شرح الآثار: وحديث وائل هذا معارض بحديث ابن مسعود: أنه -عليه السلام- كان يرفع يديه في تكبيرة الافتتاح، ثم لا يعود. وابن مسعود أقدم صحبة، وأفهم بأفعال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من وائل. ثم أسند عن أنس، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه، وابن مسعود كان من أولئك الذين كانوا يقربون من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليعلموا أفعاله كيف هي؟ ، فهو أولى مما جاءه من هو أبعد منه. انتهى. =