ابن هارون: فإذا احتلم وحاض نظر، فإن نبت له لحية فذكر، أو ثدي فأنثى، وإذا حصل شيء من هذه العلامات فلا إشكال، بل هو ذكر محقق أو أنثى.
ويقال (١): أول من حكم في الخنثى عامر بن ضرب العدواني كانت العرب في الجاهلية لا يقع لهم معضلة إلا اختصموا إليه ورضوا بحكمه، فسألوه يومًا عن الخنثى: أيجعله ذكرًا أو أنثى.
فقال: أخروني حتى انظر في أمركم، فواللَّه يا معاشر العرب ما نزل في مثل هذا بينكم.
فبات ليلته ساهرًا منكرًا، فلم يتوجه فيها أمر، وكانت له جارية، يقال لها: سخيلة ترعى له غنما، وكانت تؤخر الصراح والرواح، حتى يسبقها بعض الناس، وكان يعاتبها في ذلك، ويقول: أصبحت يا سخيلة، أمسيت يا سخيلة، فلما رأت سمره وقلقه، قالت له: مالك، لا أبا لك، ما عراك في ليلتك.
فقال: ويلك، دعيني، أمر ليس من شأنك.
ثم عادت له بمثل ذلك، فقال في نفسه: وعسى أن تأتي بفرج، فقال لها: اختصم إليّ في ميراث خنثى: آجعله ذكرًا أم أنثى؟ فواللَّه ما أدري ما أصنع.
فقال: سبحان اللَّه، لا أبا لك، اتبع القضاء.
فقال: فرجتها واللَّه يا سخيلة، أمسي بعدها أو أضحي.
ثم خرج حين أصبح فقضى بذلك، واللَّه سبحانه، وهو الموفق بمنه وكرمه، وختمناه بكليات تزيد على مائة، ذكرناها في الكبير.
وأقول كما قال مؤلف أصله: أسأل اللَّه أن ينفع به من كتبه، أو قرأه،