للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض بأنه يجوز: "إذا قمت فعمرو قائم"، ولا يصح هنا أن يعمل فيها جوابها؛ لأنّ ما بعد "الفاء" لا يعمل فيما قبلها، وبوقوع "إذا" المفاجأة جوابًا لها، قال: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} [يونس: ٢١]، ولا يعمل ما بعد "إذا" المفاجأة فيما قبلها.

وقيل: العاملُ فيها ما يليها، وهذا يجري على القول بأنّ فعلها في محلّ جزم بها، أما إن كَان في محلّ جر فلا يعمل (١)، وقد تقدّم القول على ذلك في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.

وتحتمل "إذا" هنا أن تكون لا شرط فيها؛ فلا تحتاج إلى جواب.

ومتى جعلناها شرطية كان الجواب محذوفًا، ويكون "يشوص" دليلًا عليه، أي: "إذا [بلغ] (٢) من الليل يفعل ذلك".

وقريبٌ من هذا التركيب قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات: ٣٥]، فقيل: "يستكبرون" اسم "إن"، و "كانوا" مُلغاة لا عمل لها. وقيل: "يستكبرون" خبر "كان"، والجملة من "كان" مع اسمها وخبرها خبر "إن"، وجوابُ "إذا" محذوف يدلّ عليه ما قبله (٣).

و"من" في قوله: "من الليل" لابتداء الغاية.

وقوله: "فاه": "الفم"، له حالتان: -

إحداهما: أن يكون مفردًا؛ فيجب أن يكون بـ "الميم"، تقول: "هذا فم"،


(١) انظر: البحر المحيط (١/ ١٠٥)، واللباب في علوم الكتاب (١٠/ ٢٨٩)، والتبيان في إعراب القرآن (٢/ ٦٦٩).
(٢) كذا بالأصل. ولعلها: "قام".
(٣) انظر: البحر المحيط (٩/ ٧٩)، تفسير القرطبي (١٥/ ٧٦)، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (١/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>