قوله: "على أعقابهم": المعنى: "لا تردهم إلى حالتهم الأولى من ترك الهجرة"، و"على" يتعلّق بحال، أي: "لا تردهم ناكصين على أعقابهم"، أي: "إثر أعقابهم".
قوله: "لكنِ البائسُ سَعد بن خولة": هذا من كلامه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُقال: "بئس"، "يبأس"، "بؤسا" و"بأسًا": "افتقر"، و"اشتدّت حاجته"، والاسم منه: "بائس" (١).
وتقدّم الكلام على "لكن" في الحديث الأوّل من "باب الحيض".
و"البائس" مبتدأ، و"سعد" بَدَل منه أو عَطْف بيان، و"ابن خولة" صفة لـ "سعد". وخبر المبتدأ محذوف، أي: "أتوجَّع له"، أو: "يغفر اللَّه له".
ثم فسّر الرّاوي ما حَذفه النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يرثي له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ مات بمكّة"، فـ "أن" معمُولة لـ "يرثي"، على أنّ المحلّ مجرور بـ "لام" التعليل، أي: "لأجل أنْ مات بمكّة"، فهو مفعول له.
قال القاضي عياض: ويحتمل أن يكون قوله: "أنْ مات بمكّة" من قول النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- و"يرثي له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" من قول غيره (٢).
وعلى هذا: يكُون قوله "أن مات بمكّة" مُتصلًا بقوله: "لكن البائس سعد بن خَولة"، ويكُون الخبر محذوفًا، كما تقدّم، ويكون قوله: "يرثي" مُتأخرًا في المعنى.
قال القاضي: ورُوي في حديث آخر: "لكن سعد بن خولة البائس قد مات فى الأرْض التى قد هَاجر منها". (٣)
= قواعد اللغة العربية (ص ٣٠، ٣١).
(١) انظر: النهاية لابن الأثير (١/ ٨٩)، وعمدة القاري (١٤/ ٣٣).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٥/ ٣٦٧).
(٣) انظر: إكمال المعلم (٥/ ٣٦٧).