للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ثُم غَسَل وجْهَه ويديه إلى المرفقين": اختُلِف في المعطُوفَات على معمُول عامل: هل يعمل فيها عامل مُقدّر غير العامل الأوّل؟ أو إنما إعرابه على سبيل التبعية لما قبله؟ في ذلك خلاف.

فاختار بعض البصريين من النحويين أن يكون العَامل مُقدّرًا في كُل حرف عطف، وقالوا: إذا قلنا: "جاء زيد وعمرو"، و"رأيت زيدًا وعمرًا"، و"مررت بزيد وعمرو"، فلا يخلو من أن يكون التقدير: "جاءني زيد وجاءني عمرو"، أو تكون "الواو" العاملة، وهذا لا يصح؛ لأنّ "الواو" في الحالات الثّلاث واحِدة، فكيف ترفع مرة، وتنصب مرّة، وتجر ثالثة؟ !

فالحقّ: أن يكون التقدير: "جاءني زيد وجاءني عمرو"، إلا أنه استغنى عن ذكر "جاءني" ثانيًا بدلالة الأوّل عليه.

وقيل: العاملُ في الأوّل هو العامل في الثّاني، ولا يُقدَّر تكريره؛ لأنه قد يعطف على الأوّل ما لا يجوز أن يدخُل عليه عامِل الأوّل، نحو قولهم: "كُلّ شَاة وسخلتها"، و"يا زيد والحارثَ"، و"رُب رَجُل وأخيه". (١)

قوله: "إلى المرفقين": "إلى" حرف جر، ويأتي الكَلام عليها في الحديث الثّاني من "باب الوتر".

والفرقُ بين "إلى" و"حتى" مع كونهما لانتهاء الغَاية وجَارّتين أنّ ما بعد "إلى" داخلٌ فيما قبلها عند الاكثرين، إلا أنْ يقترن به قرينة، و"حتى" على العكس. وفرق آخر: أنّ "إلى" تجرّ الظّاهر والمضْمَر، و"حتى" لا تجرّ إلا الظّاهر (٢).


(١) انظر: شواهد التوضيح (ص ١٠٨)، وشرح التسهيل (٢/ ٦١)، (٣/ ٤٠٢)، ومغني اللبيب (ص ٩٠٨)، وحاشية الصبان (٣/ ١٨٢)، والمقتضب (٤/ ١٩٥)، وشرح المفصل (١/ ٣١٨)، (٣/ ٢٧)، وهمع الهوامع (١/ ٥٨٧)، وشرح الكافية الشافية (٣/ ١٢٤٨)، والكتاب (٢/ ٨٢)، والأصول في النحو (٢/ ٣٠٨).
(٢) انظر: شرح المفصل (٤/ ٤٦٣)، وشرح التسهيل (٣/ ١٤١)، والصبان (٢/ ٢٣٠)، وأوضح المسالك (٣/ ٤٤)، والجنى الداني (ص ٣٨٥)، واللمع لابن جني (ص/ ٧٢)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>