هذا الوادي: وادي النار، يقال: إن رجلًا اصطاد فيه، فنزلت نار فأحرقته.
وقال الإسنوي: وظهر لي معنىً آخر في حكمة الإسراع؛ وهو أنه مكان نزل فيه العذاب على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، فاستحب فيه الإسراع؛ لما ثبت في "الصحيح" من أمره صلى الله عليه وسلم المار على ديار ثمود ونحوهم بذلك.
وقال غيره: وهذه كانت عادته صلى الله عليه وسلم في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه، والله أعلم. انتهى "فتح الملهم".
(ثم) بعدما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من وادي محسر (سلك) أي: دخل (الطريق الوسطى) لا اليمنى ولا اليسرى.
قال النووي: فيه أن سلوك هذا الطريقى في الرجوع من عرفات سنة، وهو غير الطريق الذي ذهب فيه إلى عرفات، وهذا معنى قول أصحابنا: يذهب إلى عرفات في طريق ضب، ويرجع في طريقِ المَأْزَمَيْنِ؛ لِيُخالِفَ الطريقَ تفاؤُلًا بتغيُّرِ الحالِ؛ كما فعل صلى الله عليه وسلم في دخول مكة حين دخلها من الثنية العليا، وخرج منها من الثنية السفلى، وخرج إلى العيد في طريق، ورجع منه في طريق آخر، وحول رداءه في الاستسقاء.
(التي) صفة ثانية للطريق؛ أي: التي (تخرجك) وتوقفك (على الجمرة الكبرى) وتوصلك إليها؛ والجمرة الكبرى: هي جمرة العقبة؛ وهي التي عند الشجرة.
وقوله:(حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة) غاية لقوله: (سلك) وهذا يدل على أنه كان هناك أولًا شجرة؛ كما في "الفتح"، وقد أدركنا ورأينا الشجرة