للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

معلومة، وإن كان معدودًا؛ كالحيوان .. اشترط ذكر عدد معلوم.

ومعنى الحديث: أنه إن أسلم في مكيل .. فليكن كيله معلومًا، وإن كان موزونًا .. فليكن وزنه معلومًا، وإن كان مؤجلًا .. فليكن أجله معلومًا، ولا يلزم من هذا اشتراط كون السلم مؤجلًا، بل يجوز حالًا؛ لأنه إذا جاز مؤجلًا مع الغرر .. فجواز الحال أولى؛ لأنه أبعد من الغرر، وليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل، بل معناه: إن كان أجل .. فليكن معلومًا.

وقد اختلف العلماء في جواز السلم الحال مع إجماعهم على جواز المؤجل: فَجوَّزَ الحال الشافعيُّ وآخرون، ومنَعَه مالك وأبو حنيفة وآخرون، وأجمعوا على اشتراط وصفه بما يضبطه به. انتهى كلام النووي، انتهى من "تحفة الأحوذي".

وقوله: "في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" استدل به ابن حزم في "المحلى" (٩/ ١٠٦) على أن السلم لا يجوز إلا في المكيلات أو الموزونات.

وقال جمهور الفقهاء: إنه يجوز في المذروعات والمعدودات المتقاربة أيضًا بشرط تعيين الذرع أو العدد؛ لأن خصوصية الكيل أو الوزن لا دخل لهما في جواز السلم، وإنما المجوز هو كون المسلم فيه معلومًا، وهو متحقق في المذروعات والمعدودات المتقاربة.

فإن قيل: إن السلم إنما شُرع على خلاف القياس، فلا يُقَاسُ عليه غيرُه.

فالجواب: أنَّ جوازَ السلم في المذروعات لا يحتاج فيه إلى قياس واجتهاد، وإنما ثبَتَ بدلالة النص في حديث الباب؛ للقطع بأنَّ سببَ شرعيتِه هو الحاجةُ الماسَّةُ إلى أخذ العاجل بالآجل، وهي ثابتة من البزَّازِين في المذروع؛ كما في أصحاب المكيلات والموزونات، يَفهمُ ذلك كُلُّ من سمع سبب المشروعية المنقولَ في أثناء الأحاديث، سواء كان له رتبةُ الاجتهاد أو لم يكن، فلذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>