قال الرجل:(فسمعتها) أي: سمعت تلك الشجرة (تقول) في سجودها: (اللهم؛ احطط) أي: أسقط وأقلْ وحط (عني بها) أي: بهذه السجدة (وزرًا) أي: ذنبًا عملته فيما مضى، (واكتب لي بها) أي: بسبب هذه السجدة عندك (أجرًا) أي: ثوابًا عظيمًا (واجعلها) أي: اجعل هذه السجدة (لي عندك ذخرًا) أي: كنزًا مدخرًا لي عندك، قيل: ذخرًا بمعنى أجرًا، وكرر؛ لأن مقام الدعاء يناسبه الإطناب، وقيل: الأول طلب كتابة الأجر، وهذا طلب بقائه سالمًا من محبط أو مبطل، قال القاري: هذا هو الأظهر، وقال الحسن بن محمد بن عبيد الله: قال ابن جريج: قال لي جدك: (قال ابن عباس) هكذا في رواية الترمذي: (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة فسجد، فسمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول في سجوده مثل) القول (الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة).
قال السندي: قوله: (فأتاه الرجل) قال الطيبي نقلًا عن التوربشتي: هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد رُوي هذا الحديث عنه.
قلت: كأنه صلى الله عليه وسلم هو أوَّل الشجرة بنفسه الكريمة؛ لكونه شجرة الدين وأصله، فصلاة الرجل إلى أصل الشجرة هو اتباعه واقتداؤه به صلى الله عليه وسلم في الصلاة وغيرها من أمور الدين، وفي رواية:"كأني أُصلي خلف شجرة"، وقراءة السجدة هي قصة هذه الرؤيا عليه، وقد رأى أن الشجرة سجدت عند ذلك، وقالت ما قالت، فسجد صلى الله عليه وسلم عند قصة الرؤيا عليه، وقال ما قال، والله أعلم بحقيقة الحال.