(ثم) بعد جلوسه (قال) ذلك الرجل: (يا محمد) كراهة النداء باسمه صلى الله عليه وسلم في حق الناس لا في حق الملائكة، فلا إشكال في نداء جبريل بذلك على أن التعمية كانت مطلوبة؛ (ما الإسلام؟ ) أي: ما حقيقة الإسلام وأساسه وأركانه؛ لأن "ما" يسأل بها عن الحقيقة، (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله: حقيقة الإسلام وأركانه (شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله) أي: اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان بوحدانية الله سبحانه وتعالى وبرسالتي، (وإقام الصلاة) المكتوبة؛ أي: أداؤها في أوقاتها بأركانها وشروطها وآدابها (وإيتاء الزكاة) المفروضة أي أداؤها إلى مستحقيها في وقت وجوبها، والتمكن من إخراجها، (وصوم) نهار شهر (رمضان) أي: الإمساك فيه عن المفطرات بنية العبادة، (وحج البيت) الحرام والمشاعر العظام بالنسك المعلوم في الإسلام؛ أي: قصده بنية العبادة وفعلها على الكيفية المبينة في الشرع لمن استطاع إليه سبيلًا، حاصله أن الإسلام هذه الأركان الخمسة الظاهرة.
(فقال) الرجل السائل للنبي صلى الله عليه وسلم: (صدقت) يا محمد فيما أخبرتني، قال عمر بن الخطاب:(فعجبنا) معاشر الحاضرين (منه) أي: من حال ذلك الرجل حال كونه (يسأله) صلى الله عليه وسلم، والسؤال يقتضي الجهل بالمسؤول عنه، (ويصدقه) صلى الله عليه وسلم، والصدق: هو الخبر المطابق للواقع، وهذا فرع معرفة الواقع والعلم به ليعرف مطابقة هذا له، قال النووي: سبب تعجبهم أن هذا خلاف عادة السائل الجاهل، إنما هذا كلام