للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مِنَ الْأُمِّ بِوَلَدِهَا؟ قَالَ: "بَلَى"، قَالَتْ: فَإِنَّ الْأُمَّ لَا تُلْقِي وَلَدَهَا فِي النَّار، فَأَكَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ يَبْكِي، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الْمَارِدَ الْمُتَمَرِّدَ الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى اللهِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ".

===

أي: أشد شفقة لعباده (من) شفقة (الأم بولدها) وابنها؟ ! فـ (قال) لها: (بلى) هو أرحم بعباده من شفقة الأم بولدها، فـ (قالت) المرأة: (فإن الأم لا تلقي) ولا ترمي (ولدها في النار) فكيف يعذب الله عباده إذا كان هو أرحم الراحمين بعباده من الأم، وإن كانوا كفرة (فأكب) وسقط (رسول الله صلى الله عليه وسلم) على وجهه حالة كونه (يبكي) لتأثير قولها في قلبه.

(ثم رفع) رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رأسه) من الأرض متوجهًا (إليها، فقال) لها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن الله لا يعذب من عباده) أي: عذابًا مخلدًا (إلَّا المارد) أي: إلَّا المارد الآبي عن امتثال أوامره (المتمردَ) أي: المبالغ في تمرده وكفره بارتكاب المناهي (الذي يتمرد) أي: ويتكبر (على الله) في أوامره ونواهيه (وأبى) وامتنع (أن يقول: لا إله إلَّا الله) عزَّ وجلَّ.

قوله: (فإن الأم لا تلقي ولدها في النار) أي: فكيف أرحم الراحمين يلقي بعض عباده في النار وإن كانوا كفرة.

قوله: (فأكب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه) يقال: كببت زيدًا كبًا؛ ألقيته على وجهه وأَسْقَطْتُه، فأَكَبَّ هو، وهو من النوادر التي تتعدَّى ثلاثيُّها وقَصُر رباعيُّها، وفي التنزيل: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} (١)، {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} (٢).


(١) سورة النمل: (٩٠).
(٢) سورة الملك: (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>