من جهة حل (وعلمًا) شرعيًّا (فهو يعمل بعلمه) الذي آتاه الله عز وجل (في ماله) الذي آتاه الله عز وجل بصرف صدقاته الواجبة منه والمندوبة؛ كما ذكر ذلك بقوله:(ينفقه) أي: ينفق ماله ويصرفه (في حقه) أي: في مصارفه الشرعية؛ كالإنفاق على المحاويج من الفقراء والمساكين والأرامل وفي صلة الأرحام وقرى الضيفان.
(و) ثانيهم: (رجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالًا) ينفقه في سبيل الله (فهو يقول: لو كان لي) من المال (مثل هذا) المال الذي آتاه الله لهذا الرجل المنفق ماله في الخيرات .. (عملت فيه) أي: في ذلك المثل الذي آتاني الله عملًا (مثل) العمل (الذي يعملـ) ـه هذا الرجل المنفق لماله في مصارف الخيرات وهو الرجل الأول؛ أي: يقول فيما بينه وبين ربه، وهذا القول يرجع إلى النية؛ والمراد: أنه على نية الخير، فهو في أصل الأجر أيضًا مساو للمنفق، وإن كان للمنفق زيادة الأضعاف؛ فإن من نوى حسنة .. يكتب له واحدة، لا الأضعاف المزيدة بالإنفاق، وإذا فعلها .. كتبت له عشرة؛ كما في الحديث الصحيح.
فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما) أي: ذاك الأول الذي ينفق ماله، وهذا الثاني الذي نوى الانفاق لو أوتي مالًا (في) أصل (الأجر سواء) أي: مستويان، وإن اختصت زيادة الأضعاف بالأول الذي أنفق ماله.
والمعنى: فأجر من عقد عزمه على أنه لو كان له مال أنفق منه في الخير، وأجر من له مال ينفق .. سواء؛ أي: مستويان في أصل الإنفاق، ويكون أجر العلم زيادة له؛ لأنه أنفق بعلمه.