(بفتىً منهم) أي: على رجل شاب منهم، أي: من الحبشة (فجعل) ذلك الفتى (إحدى يديه بين كتفيها) تثنية كتف؛ وهما عظمان ناتئان بين الظهر والعنق (ثم دفعها) أي: كبَّها ورماها على وجهها (فخرت) أي: سقطت (على ركبتيها) أي: على وجهها وقدامها (فانكسرت) أي: تكسرت (قلتها) أي: جرتها المملوءة ماءً.
(فلما ارتفعت) تلك العجوز من مَسْقَطِها وقامت .. (التفتت إليه) أي: إلى ذلك الفتى الذي كبها على الأرض (فقالت) للفتى: (سوف تعلم) وترى جزاء ظُلامتي هذه (يا غدر) أي: يا لئيم - بضم المعجمة وفتح المهملة على وزن عمر - معدول من غادر، والأنثى غَدَارِ - بالبناء على الكسر - كفطام وحذام، وأكثر ما يستعمل في النداء بالشتم؛ واللئيم عندهم: دنيء النسب، خسيس الحسب.
أي: فسوف ترى جزاء عملك هذا (إذا وضع الله) عزَّ وجلَّ (الكرسي) أي: كرسيه في عرصات القيامة، وهو كناية عن تجليه لهم (وجمع الأولين والآخرين) من عباده للمجازاة فيما بينهم من الحقوق (وتكلمت الأيدي والأرجل) منهم؛ لتشهد عليهم (بما كانوا يكسبون) ويعملون في الدنيا (فسوف تعلم) يا لئيم (كيف أمري وأمرك) أي: كيف يكون القضاء الفاصل (عنده) تعالى (غدًا) أي: في يوم القيامة، فيما وقع بيني وبينك من أمري وأمرك.