والجار والمجرور في قوله:(بأيهن) متعلق بقوله: (بدأت) وهذه الجملة الفعلية في تأويل المصدر بأن المقدرة، وذلك المصدر المؤول فاعل الضرر؛ أي: لا يضرك أن بدأت بأية واحدة منهن؛ أي: لا يضرك بدايتك بأية واحدة منهن شئت؛ في نقص ثوابها أو في عدم قبولها، سواء في قبولها عند الله تعالى بدايتك بالتسبيح أو بالتحميد أو بالتكبير، وهذه مؤكدة؛ لتحقق قبولها عند الله تعالى؛ لأنها من كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وقوله:(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) خبر محكي لمبتدأ محذوف؛ تقديره: هي؛ أي: تلك الكلمات الأربع الموصوفة بما ذكر قولك: سبحان الله ... إلى آخره، وحركة الإعراب مقدرة على راء (أكبر).
وإنما كانت هذه الأربع أحب الكلام عند الله تعالى؛ لاشتمالها على جملة أنواع الذكر؛ من التنزيه والتحميد والتوحيد والتمجيد.
وعبارة القرطبي: لأنها تضمنت تنزيهه تعالى عن كل ما يستحيل عليه، ووصفه بكل ما يجب له من أوصاف كماله، وانفراده بوحدانيته، واختصاصِه بعظمتِه وقِدَمِه المفهومَينِ مِن أَكْبَرِيَّته، ولتفصيل هذه الجمل محلٌّ آخرُ لا يسعُ له هذا المقام (لا يضرك) في الثواب والقبول (بأيهن بدأتَ) أي: لا يضرك بدايتُهن بأية واحدة منهن شئتَ؛ في نقصِ الثواب في البِداية بها أو في عدمِ قبولها.
قال القرطبي: يعني: أن تقديم بعض هذه الكلمات على بعض لا ينقص ثوابها ولا يُوقِفُ قبولها؛ لأنها كلها كلمات جامعات طيبات مباركات.
وفي "المبارق": (لا يضرك بأيهن بدأت) لأن المعنى المقصود لا يتوقف على هذا النظم؛ لاستقلال كل واحدة من الجمل.