للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الحديث، فليس بصريح في المسألة.

قال الطحاوي: ليس في هذا الحديث دليل على أن القيء كان مفطرًا له، إنما فيه أنه قاء فأفطر بعد ذلك.

الدليل الثالث: حديث فضالة أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي يوم كَانَ يَصُومُهُ، فَدَعَا بِإِنَاءٍ، فَشَرِبَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ هَذَا يَوْمٌ كُنْتَ تَصُومُهُ، قَالَ: «أَجَلْ، وَلَكِنِّي قِئْتُ».

ولكن هذا الحديث في إسناده أبو مرزوق وثقه العجلي وابن حبان، وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً، وابن حبان والعجلي متساهلان في توثيق المجاهيل، وإن كان وثقه الذهبي وابن حجر، وإن صح فلفظة «قِئْتُ» ليست بصريحة هل هو ذرعه القيء، أم استقاء عامدًا؟

أما دليلهم من المعقول: فاستدل شيخ الإسلام ابن تيمية بأن القيء يُخرج الغذاء، والاستمناء يُخرج المني، والحيض يُخرج دم الحيض، وبهذه الأمور قوام البدن، فكما أن الحيض والاستمناء يفطران، فكذلك القيء، وفَرَّقَ بين ما يمكن الاحتزار منه وما لم يمكن، فكما أن الاحتلام والاستحاضة لا تفطران فكذلك من ذرعه القيء.

• القول الأخر: قالوا: بأن القيء لا يفطر مطلقًا.

واستدلوا بقول النبي «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ: الصَّائِمَ الْحِجَامَةُ وَالْقَيْءُ وَالِاحْتِلَامُ» ولكنه حديث ضعيف، ولا يصح عن رسول الله.

واستدلوا أيضًا بالقياس فقالوا: الفطر مما دخل لا مما خرج.

قلت: وهذه القاعدة ليست مطردة؛ فإن المني إنما يخرج وهو موجب للقضاء والكفارة، وكذلك الحيض والنفاس يخرج وهو موجب للقضاء، ولكن مع وجود الخلاف ومع عدم الترجيح، فنُفتِي بقول الجمهور، أي من استقاء عامدًا فعليه القضاء، ومن أخذ بقول من قال: (إن القيء لا يفطر مطلقًا) فله وجهة والله أعلم، وهو الموفق إلى سواء السبيل.

<<  <   >  >>