للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من هذا الحديث أنه «قَاءَ فَأَفْطَرَ» أي بمعنى: استقاء عامدًا فأفطر.

قال ابن المنير: إنَّ الْحُكْمَ إِذَا عُقِّبَ بِالْفَاءِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْعِلَّةُ، كَقَوْلِهِمْ: سَهَا فَسَجَدَ (١).

• واعْتُرِضَ على هذا الحديث من وجهين:

الأول: أن هذا الحديث اختلف في إسناده اختلافًا كبيرًا.

الثاني: إن صح هذا الحديث فليس فيه دليل على أن القيء كان مفطرًا له، إنما فيه أنه قاء فأفطر بعد ذلك.

قال الطحاوي (٢): لَيْسَ فِي الحديث أَنَّ الْقَيْءَ كَانَ مُفْطِرًا لَهُ، إِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَاءَ فَأَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ.

الدليل الثالث: عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ حَنَشٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَدَعَا بِشَرَابٍ، فَقال لَهُ بَعْضُ أَصحابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَمْ تُصْبِحْ صَائِمًا؟ قَالَ:


يحيى. قال ابن خزيمة: الصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى وَأَنَّ يَعِيشَ بْنَ الْوَلِيدِ سَمِعَ مِنْ مَعْدَانَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا أَبُوهُ. وعلى كلٍّ فيعيش بن الوليد قد صرح بالتحديث عن معدان في النسائي «الكبرى» وابن خزيمة كما ذكرنا آنفًا فزيادة أبيه من المزيد في متصل الأسانيد.
كلام أهل العلم عن هذا الحديث:
قال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٢/ ١٩٠): قال ابن منده: إسناده صحيح متصل وتَرَكه الشيخان لاختلاف في إسناده.
قال الترمذي: جوده حسين المعلم وهو أصح شيء في الباب، وكذا قال أحمد. قال البيهقي: هذا الحديث مختلف في إسناده فإن صح فهو محمول على القيء عامدًا.
أقوال أهل العلم في هذا الحديث من الناحية الفقهية:
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٢٢٠): هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ في إِسْنَادِهِ، فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ تَقَيَّأَ عَامِدًا، وَكَأَنَّهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِصَوْمِهِ.
قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢/ ٩٧) بعد ذكر هذا الحديث وذكر حديث فضالة بن عبيد، قال: وَلَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَيْءَ كَانَ مُفْطِرًا لَهُ إِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَاءَ فَأَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (٤/ ٢٠٧): «قَاءَ فَأَفْطَرَ» أَيْ اِسْتَقَاءَ عَمْدًا، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَأْوِيل مَنْ أَوَّله بِأَنَّ الْمَعْنَى قَاءَ فَضَعُفَ فَأَفْطَرَ، وَاَلله أَعْلَمُ.
(١) انظر: «فتح الباري» (٤/ ٢٠٧).
(٢) انظر: «شرح معانى الآثار» (٢/ ٩٧).

<<  <   >  >>