للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندما عاد إلى الحديبية نزل بأَصحابه على بئر ليس فيها من الماء إلا شيء يسير، تسابق إليه الصحابة كل يريد أَن يشرب ويسقى فرسه أو بعيره، فوجدوا أَن الماءَ الذي في البئر لا يكفي لإرواء عطش نفر قليل، وكان الصحابة ألفًا وأربعمائة أكثرهم راكبًا.

وقد تفاقم الأَمر واشتدت أزمة الماء إلى درجة خطيرة أصبحت معها حياة الصحابة ومواشيهم مهددة، لا سيما إذا أَخذنا بعين الاعتبار أنهم سيقومون بالحديبية مدة غير قصيرة، وأنه لا يوجد مصدر للماء في تلك المنطقة، وما يمكن الالتجاء إليه من مياه قريبة من الحديبية قد سيطر عليها القرشيون ومن المستحيل في ذلك الظرف المتوتر (غاية التوتر) أَن يسمحوا للمسلمين بالسقيا منها.

وعندما بلغت أزمة الماء غايتها وحار الصحابة ماذا يصنعون جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشتكوا له ما يعانون من نقص خطير في الماء، فلجأَ إلى ربه سبحانه وتعالى، ثم أمر أحد أصحابه بأَن ينزل في عين البئر الشحيحة بالماء وأَن يغرز فيها سهمًا أعطاه إياه بيده الشريفة، ولم يكد صاحبه يغرز السهم في عين البئر حتى تدفقت منها المياه بغزارة إلى درجة أَن امتلأت البشر بالماء، فارتوى الصحابة وأرووا خيلهم، وبهذا حل الله مشكلة الماء الخطيرة، وعادت إلى الصحابة طمأنينتهم الكاملة، وتعاظم إيمانهم بنبيهم العظيم - صلى الله عليه وسلم -.

فقد جاء في كتب الحديث والتاريخ أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عاد راجعًا بأصحابه إلى الحديبية - وكان قد اتجه نحو مكة - نزل بالناس على

<<  <  ج: ص:  >  >>