أحدها: أنه واجب على المحصر الهدي، وإطلاقه يقتضي إهداءه إلى الحرم، ألا ترى أنه لو قال:(لله علي هدي) لزمه أن يهدي شاة إلى الحرم، ويذبحها فيه.
والثاني: قوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، ومحل الهدي الحرم، قال الله تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة: ٩٥]، وقال:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِالْعَتِيقِ}[الحج: ٣٣].
والثالث: أنه جعل بلوغ الهدي محله غاية لجواز الحلق، فعُلم أن موضع الذبح غير موضع الإحصار؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما كان لقوله:{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]-وهو قد يبلغ- معنى.
[ .... ] عن دليله الأول، وأن إطلاق الهدي يقتضي الحرم: فلا نسلم أن الهدي هاهنا مطلق؛ لأن قوله:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦] يقتضي أن يكون الإهداء عقيب الإحصار؛ لأن الفاء للتعقيب، وهذا يدل على أن ذبح الهدي في موضع الإحصار.
وأما الدليل الثاني من قوله:{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، وإن محله الحرم، فلا نسلم ذلك أيضاً، بل المحل هاهنا هو الذبح، وإيصاله إلى المستحق، فهو محله، كالموضع الذي يجب الذبح فيه.