وكذلك نقل أحمد بن الحسين ويوسف بن موسى عنه في الرجل يريد أن يحج عن أبويه: يبدأ بالأم، إلا أن يكون الأب قد وجب عليه.
وكذلك نقل أبو الحارث، وقد سئل: يحج الرجل عن أبيه، أو عن أمه؟ فقال: إن حج من مال نفسه متبرعًا، وإن كان من مال الميت، فلا يحج وارث عن وارثه.
كأنه يرى أنها وصيه لوارث.
وكذلك نقل أبو داود- وقد سئل: يحج عن أمه؟ - قال: نعم، يقضي عنها دينًا عليها، قيل له: فينفق من ماله، وينوي عنها؟ قال: جائز، قيل له: فالمرأة تحج عن الرجل؟ قال: نعم، إذا كانت محتاجة.
فقد نص على جواز النيابة، وإن لم يكن من جهة المناب عنه مال.
والدلالة على ذلك: ما تقدم من حديث ابن الزبير.
وقول النبي (صلى الله عليه وسلم) للسائل: "احجج عن أبيك" وشبهه بالدين، فلو كان الحج عن القائل لم يكن حاجًا عن أبيه، وإنما كان حاجًا عن نفسه.
ولأن النبي (صلى الله عليه وسلم) شبه قضاء الحج عن أبيه بقضائه الدين عنه، كما كان قضاء الدين يسقط عنه فرضه، ويقع عنه، كذلك قضاء الحج.
فإن قيل: يحمل قوله: "فحج عنه" على إخراج المال عنه.
ولأن ظاهر الخبر يقتضي جواز حجه عنه بماله وبغير ماله، وعندهم: إن لم يكن له مال، لا يصح الحج عنه.