فإن قيل: المعنى في الأصل: أنه لزمه بالإفساد ما لو أراد الإحرام ابتداء لزمه، كذلك القضاء، وما زاد على ذلك لا يلزمه في الابتداء، فلم يلزمه في القضاء.
قيل: لو كان هذا صحيحاً لوجب إذا أحرم من الميقات، ثم أفسد، وأقام بمكة: أن يجزئه الإحرام بالقضاء من مكة؛ لأنه لو أراد الإحرام ابتداء لم يلزمه الخروج إلى الميقات، وأجزأه الإحرام من مكة، ولما قالوا: يلزمه الإحرام من الميقات، دل على أن القضاء معتبر بالأداء، فيلزمه الإحرام من الموضع الذي أحرم.
وقياس آخر، وهو: أن الشروع في الحج والعمرة سبب لوجوبه، فجاز أن يتعين به موضع الإيجاب.
أصله: النذر؛ فإنه لو نذر حجة من دويرة أهله، لم يجز له أن يحرم بها من الميقات، ولزمه ذلك من دويرة أهله.
وقد قال أحمد في رواية ابن منصور: إذا نذر أن يحج ماشياً، ولم ينوِ من أين يكون ذلك من حيث حلف.
ورأيت بعضهم لا يسلم ذلك، ويقول: إذا أوجب حجة من دُويرة أهله، جاز أن يحرم بها في الميقات اعتباراً بالفرض.
وإن لم يسلم هذا، فإنه يلزمه الحج ماشياً من دُويرة أهله، وإن لم يجب بأصل الشرع، وهذا مسلم بالإجماع.
ولا يلزم على هذا إذا أحرم بعد مجاوزة الميقات: أنه لا يتعين