والجواب: أن الأمن من الفوات لا يوجب الأمن من الفساد بدلالة العمرة تأمن فواتها، ولا تأمن فسادها.
فإن قيل: زمان الفوات يطلق على ما يجوز أن يفوت بحال، والعمرة لا تفوت بحال؛ لأنها ليست مؤقتة.
قيل له: إذا كانت العمرة لا فوات فيها بحال، والحج يفوت في حالة، ولا يفوت في أخرى، فالأمن من الفوات في العمرة آكد من الفوات في الحج، وكذلك إذا صلى ركعتين من صلاة الجمعة فقد أمن فواتها، ومع هذا يلحقها الفساد، وكذلك من نوى قبل الزوال الصيام فقد أمن فوات الصوم، ولا يأمن فساده.
ثم المعنى في الأصل: أن الوطء صادف إحراماً تحلل منه، وليس كذلك هاهنا؛ لأنه صادف إحراماً تاماً.
يبين صحة هذا: أن التلبية مستحبة، وبعد الرمي قد انقطعت.
واحتج بأن ما بعد الوقوف من أفعال الحج لو تركها لم يبطل حجه، ألا ترى أن الحاج إذا مات بعد الوقوف لم يبطل حجه، ولم يجب استيفاؤه وقضاؤه، ففعلها بعد الجماع لا يكون أسوأ حالاً من تركها رأساً.