واحتج المخالف بأننا اتفقنا على جواز الجمع بين إحرام الحج والعمرة، والمعنى فيه: وجوب التلبية بهما مع النية، وهو ممن يصح منه الإحرام، وهذا المعنى موجود في إحرام الحجتين أو العمرتين.
والجواب: أنه إنما صح الجمع بين إحرام الحج والعمرة؛ لأنه لا يمكنه المضي فيهما، فوجب أن لا يلزماه بإحرام واحد، كالصلاتين.
فإن قيل: تعذر المضي فيهما لا يمنع لزومه، ألا ترى أنه لو أحرم بالكوفة يوم عرفة لزمه الإحرام، وإن لم يمكنه المضي فيه؟ وكذلك لو أحرم، وهو محصر، وكذلك إذا أحرم بشيء مجهول انعقد إحرامه للحج، ولا يمكنه المضي فيه، وكذلك إذا أحرم الماسح على الخفين بالصلاة، فمضى وقت المسح لم يمكنه المضي فيها، وإحرامه صحيح.
قيل له: قد يستفيد بالإحرام في تلك المواضع فائدة، وهو أنه إذا فاته الحج تحلل بعمرة، وإذا أحرم بشيء مجهول عينه في الثاني، ومضى فيه، وإذا أحرم بالصلاة الماسح حصل له بعض أفعال العبادة، وهذا معدوم في مسألتنا؛ فإنه لا يستفيد بالحجة الثانية شيئاً.
واحتج بأن الحج يلزم بالدخول كلزومه بالنذر، ثم النذر تلزم به حجتان وأكثر، كذلك الدخول؛ لأن كل واحد منهما سبب للوجوب.