والدلالة عليه: ما روى أبو شريح الكعبي: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال يوم فتح مكة حين دخلها، وعلى رأسه عمامة سوداء:"إنها لم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، وإنما أُحلت لي ساعة من نهار".
فلا يخلو إما أن يكون أراد به القتال، أو دخولها بغير إحرام، فلما اتفق الجميع على جواز القتال فيها متى عرض مثل ذلك الحال، علمنا أن التخصيص وقع لدخولها بغير إحرام.
فإن قيل: إنما أراد به القتال، ولهذا دخلها بأُهبة الحرب وعُدتها؛ لأنه كان لا يأمن الغدر والنَّكث.
قيل له: قد بينا جواز القتال فيها لغيره متى عرض مثل تلك الحال، فعلمنا أن التخصيص وقع لدخولها بغير إحرام.
وقد ورى بعض من نصر هذه المسألة: عن خُصيف، عن سعيد ابن جبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لا يجاوز أحد الميقات إلا وهو محرم، إلا من كان أهله دون الميقات".
وروى أبو حفص في كتابه بإسناده عن مجاهد وطاوس قالا: ما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم قط -هو ولأصحابه- إلا وهم محرمون.
وأفعال النبي صلى الله عليه وسلّم تقتضي الوجوب.
ولأن كل من لا يتكرر دخوله إلى مكة إذا دخلها لغير قتال، وهو