وقال أبو حنيفة: يجوز الرمي بكل ما كان من جنس الأرض كالنورة، والزرنيخ، والجص، ونحو ذلك.
دليلنا: ما روى أحمد بإسناده -وذكره حنبل- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم غداة جمع: "القط لي حصى"، فلقطت له حُصيات هن كالخذف، قال:"نعم، عليكم بأمثال هذه، وإياكم والغلو في الدين".
وروى أحمد فيما ذكره حنبل بإسناده عن معاذ، أو ابن معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "عليكم بمثل حصى الخذف".
ومعناه: عليكم بمثل حصى الخذف من الحجر.
وأيضاً فإنه رمى بغير جنس الحجر، فوجب أن لا يجوز، قياساً على الدراهم والدنانير والحديد والنحاس والرصاص.
وإن شئت قلت: الكحل جوهر مودع فيها، فأشبه ما ذكرنا.
فإن قيل: المعنى في هذه الأشياء: أنها ليست من جنس الأرض، وإنما هي جواهر مودعة في الأرض، ألا ترى أن طبعها مخالف لطبع الأرض؛ لأنها تنطبع، وأجزاء الأرض لا تنطبع؟