وإن شئت قلت: حرج من معتكفه لما لابد منه، فوجب أن لا يبطل اعتكافه قياساً على الخروج لحاجة الإنسان.
ولا يلزم عليه إذا خرج لصلاة الجماعة؛ لأنه إن كان في مسجده جماعة فلا حاجة به إليه، وإن لم يجد فيه جماعة لم يصح اعتكافه.
وأيضاً: فإنه غير ممتنع الدخول في العبادة في وقت يعلم أنه يخرج منها قبل إتمامها: مثل: أن يدخل في صلاة الجمعة، وقد بقي من الوقت مقدار ركعة، فإنه يجوز، وإن كان يعلم: أنه يتخللها ما يقطعها، وهو خروج الوقت عندهم.
وكذلك المسبوق بركعة يجوز له الدخول مع الإمام مع علمه: أنه يصير منفرداً في آخرها، وإن كنا نعلم: أن انفراد المأموم قبل الإمام يبطل.
وهذا دليل جيد.
واحتج المخالف بأن العبادة التي من شرطها التتابع إذا دخل فيها مع علمه بأنه يخرج منها، وأمكنه التحرز، فإذا لم يفعل لزمه استئنافها؛ كمن دخل في صوم الشهرين المتتابعين في شعبان، وهو يعلم أن يخرج منه إلى صوم رمضان، لزمه الاستئناف؛ لأنه يمكنه التحرز.
وكذلك حيض المرأة ومرضها في أثناء الشهرين لا يمكن الاحتراز منه.