وقد احترز بعضهم، فقال: قوت زال عن هيئة الادخار بصنعة آدمي، فأشبه الحنطة بالدقيق، والناعم بالخشن.
والجواب: أن قولهم: (قوت) لا تأثير له؛ لأن غير القوت، وهو اللحم الطري باللحم الطري لا يجوز، وإن لم يكن قوتًا.
ثم لا نسلم أنه زال عن حال بقاء نوعه، وإنما زال عن حال بقاء أصله، وهذا لا يمنع البيع، كالعصير بالعصير، وقد زال عن حال بقاء أصله، وهو الزبيب، ومع هذا يجوز.
ثم المعنى في الناعمة بالخشنة، والحنطة بالدقيق، والرطب بالتمر، واللحم بالحيوان: أنه يفضي إلى أن ينفرد أحدهما بالنقصان في الثاني؛ لأن الخشن لو أعيد الطحن عليه زاد، وهذا لا يوجد في الناعمين.
وكذلك الحنطة لو طحنت تفرقت أجزاؤها، فزادت.
وكذلك الرطب إذا جف، وبلغ في الجفاف حالة التمر، نقص عنه.
وكذلك الحيوان إذا ذبح، نقص عن قدر اللحم، فلهذا لم يجز.
وليس كذلك هاهنا؛ لأن المساواة موجودة حال العقد على وجه لا يفضي إلى أن ينفرد أحدهما بالنقصان في الثاني، فهو كالحنطة بالحنطة.